محمد خروب
&
عودة التفجيرات الانتحارية التي لجأ اليها مقاتلو حزب العمال الكردستاني التركي PKK، مجدداً تثير المخاوف من توّسع نطاق المواجهة بين انقرة وجبل قنديل (بما هو المقر العسكري لقوات الحزب المقاتلة) بعد ان لم تعد ساحة المعركة مقتصرة على قواعد الحزب في اقليم كردستان العراق، الذي يبدو ان موقف قيادته من التدهور الاخير بين انقرة وحزب العمال، قد ازداد ارتباكاً نظراً للروابط المتينة التي نسجها زعيم الاقليم مسعود برزاني مع رجب طيب اردوغان واتفاقهما على تهميش دور ومكانة عبدالله اوجلان، وخصوصاً في وأد أو تحجيم احتمالات قيام اي شكل من الاستقلال (حتى بصيغة الحكم الذاتي) يسعى اليه كرد سوريا او كردستان الغربية كما تسمى في الادبيات الكردية وتُلفَظ (روج آفا) باللغة الكردية ذاتها.. لهذا رأينا الارتباك واضحاً في تصريحات برزاني او الدائرة المحيطة به، عندما طالب رئيس الاقليم المُنتهية ولايته قريبا (ايلول الوشيك) حزب العمال بسحب مقاتليه من الاقليم «.. كي لا يُصبح المواطنون ضحايا هذه الحرب» على ما قال بل ذهب أبعد من ذلك عندما حمّل «صقور» الحزب مسؤولية الحرب مع تركيا، في الوقت ذاته الذي صرّح بعض مِنْ مسؤوليه وبلغة خجولة: انهم يُعارضون الضربات التركية في جبال قنديل، فيما اعتبرها رئيس الوزراء العراقي حيدر العِبادي انتهاكاً لسيادة العراق، وان كان الاتراك يستندون في ضرباتهم الجوية الجديدة الى اتفاقية (قديمة جداً) مع بغداد، تسمح لهم بمطاردة «الارهابيين الاكراد» داخل الاراضي العراقية.
&
ما علينا..
&
الاستهداف التركي لمقاتلي حزب العمال ضمن الصفقة التي عقدتها انقرة مع واشنطن بذريعة انضمام تركيا (الاطلسية) للحرب على الارهاب واعتبار المقاتلين الكُرد في مرتبة ارهابيي داعش، رغم ما يسجله المراقبون ووسائل الاعلام وتعكسه التحقيقات والتقارير الميدانية، من نزوع تركي واضح لعدم المسّ بداعش وتوجيه ضربات ليست قاتلة او مؤثرة ضد قواعده وقوافله (فضلاً عن ضآلة الضربات الجوية أصلا)، يعني ان اردوغان وحكومة تصريف الاعمال التي يرأسها داود اوغلو، قررا فرض جدول الاعمال التركي على اللاعبين الاساسيين الذين افرزتهم انتخابات السابع من حزيران الماضي، وهم حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية وخصوصاً حزب الشعوب الديمقراطي، الذي اجتاز نسبة الحسم وتقدم الصفوف لمناكفة اردوغان ونعي طموحه في تحويل النظام البرلماني الحالي الى نظام رئاسي، وبخاصة في تنكره لـِ»عملية الحلّ» التي دفنتها تصريحات اردوغان الغاضبة بأنها لم تعد قائمة وأن ارهابيي حزب العمال لا يختلفون عن ارهابيي داعش وغيرها من الاوصاف والتبريرات المتهافتة التي تعكس-في جملة ما تعكسه-مدى النفاق والتحايل الذي كان عليهما اردوغان، عندما أجاز فتح قناة اتصال مع عبدالله اوجلان في السجن الذي يقبع فيه منذ عقد ونيف، بهدف اخراج البلاد من دوامة العنف الذي يفتك بها منذ ثلاثة عقود ونصف.
&
من هنا، فإن عودة قيادة الحزب العسكرية الى اسلوب العمليات الانتحارية والتي توقفت تقريباً (إن لم نقل كلياً) منذ ثمانية اعوام (آخرها كانت في العام 2007) يعني فقدان الأمل بامكانية عودة مسار المفاوضات او مقاربة عملية سلام «جديدة» تستند الى تلك العملية التي توقفت او أُطيحت، لاسباب عديدة ليس أقلها نتائج انتخابات 7 حزيران الماضي واعلان صلاح الدين ديميرطاش الزعيم المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، بأن احلام اردوغان الرئاسية «لن تتحقق» وان حزبه لن يُشارك مطلقاً في اي ائتلاف حكومي يكون حزب العدالة والتنمية... جزءاً منه.
&
هل قلنا ديميرطاش؟
&
نعم، فالزعيم الكردي والنجم الصاعد في الفضاء التركي الذي يواجه احتمال التحقيق معه وربما الزج به في السجن وفقدان عضوية البرلمان بعد ان رفع اردوغان دعوى قضائية عليه يتهمه فيها بدعم الارهاب، طالَبَ مقاتلي حزب العمال بوقف «هجماته» على الجيش التركي، كذلك ظهرت مواقف «عدائية» ضد حزب العمال من قِبَلِ اوساط سياسية وحزبية في اربيل (عاصمة اقليم كردستان) بعد اعتراف حزب العمال بأن مقاتليه هم الذين «فجّروا انبوب النفط الذي يربط بين اقليم كردستان وتركيا»، ما اثار المخاوف من انقسام حاد في المواقف الكردية (عراقياً وسورياً وتركياً) وأحيا بالتالي أوهام اردوغان بامكانية شعور كرد تركيا بأن «مكاسبهم» في خطر، وان حزب العمال (وذراعه السياسية حزب الشعوب الديمقراطي) إنما يفرطان بمصالحهم ويذهبان بهما الى معركة خاسرة.
هل ينجح اردوغان في استمالة اصوات الكرد في الانتخابات المبكرة التي يسعى اليها عبر مواصلة حربه على PKK؟
&
وهل يمضي حزب العمال الكردستاني في معركة التفجيرات الانتحارية حتى النهاية؟
&
وهل ثمة احتمال بأن تُشارك قوات حماية الشعب (السورية الكردية) في المعركة الدائرة الان، بعد ان قالت ان الغارات التركية استهدفت مقاتليها والمدنيين في المناطق التي تسيطر عليها.
&
.. الاجوبة لن تتأخر كثيراً.