حمد الماجد

كل أسرة لم يتورط أحد أبنائها في العنف وحوادث الإرهاب تظن في عقلها الباطن أنها وأولادها بمنأى تام عن الإرهاب أو الفكر المتشدد العنيف وأن التفجير والتكفير والتطرف يعني غيرها، وحتى لا ننزع للتشاؤم نقول هذا هو الأصل، لكن الركون إلى هذا الشعور يجعل الأسرة لا تتحسس لأعراض هذا الوباء المستفحل. أغلبية الأسر التي التحق أفرادها بـ«داعش» أو أي تنظيم إرهابي أو تورطوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حوادث الإرهاب الداخلية والخارجية أو قدموا دعمًا لوجيستيًا للإرهابيين فوجئت حين وقع أولادها في قبضة العدالة أو أصابتهم الدهشة الشديدة والشاب يتصل من جوال في عمق دولة «داعش» المزعومة.


لهذا، فالإرهاب أو فكر الخوارج مثل السرطان، الكشف المبكر عنه يساعد كثيرًا على علاجه أو في أقل الأحوال السيطرة عليه قبل أن يستفحل، وكما أن بعض مرضى السرطان لم يكترث لأعراضه المبكرة واستمع لرأي من حوله، وأنه لا داعي للقلق وأن ما يشتكي منه هو مجرد أعراض حمى عابرة أو إنفلونزا خفيفة، كذلك أعراض «سرطان الإرهاب»، تبدو لأول وهلة في نظر ذوي المصاب أمرًا عاديًا أو مظاهر تدين موجودة لدى شريحة كبيرة من الشباب، وهنا تكمن أهمية وعي المجتمع بمهارة فرز صفات الإرهابيين عن سائر المتدينين، والوعي بمؤشرات الفكر الضال.


الصحبة أعظم المؤشرات الدالة على انتماء الشاب للإرهاب والخيط الذي يدل عليهم، يجب أن تتساءل الأسرة: من هم الذين يتواصلون مع ابنهم ويهاتفونه ويرافقونه ويسافرون معه؟ والمشكل هنا أن بعض الأسر لا تفرق بين الشباب المحافظ الملتزم بدينه غير الملوث بالإرهاب وبين الشباب المنتمي للفكر الضال، فالكل له ذات السمات الظاهرية، وهنا يجب أن تتحقق الأسرة بطريقتها أو تستعين بمن له خبرة لتقديم المشورة الصحيحة.


راقب ابنك عن كثب: حواراته، أفكاره، تغريداته، غروباته، حاسوبه الشخصي، طريقة لبسه المشابهة لـ«الأفغان العرب»، خلفية حاسوبه، شعارات الإرهابيين وأعلامهم ومصطلحاتهم وأهازيجهم وأناشيدهم، وإياك أن تظلم فتضع من يبدو عليه سيماء الصالحين على أنهم إرهابيون.


لاحظ في ولدك أعراض فكر التكفير، سواء تكفير المسؤولين أو العلماء فإن وجدت سبًا وشتمًا وسخرية ولعنًا فهو عرض لمرض خطير قد يؤدي به إلى أحضان الإرهابيين إن لم يكن أحدهم. اشرح لابنك المنهج الشرعي للتعامل مع أخطاء المسؤولين وزلات العلماء وهنات الدعاة.


ولا يصلح أبدًا استخدام السب والشتم والشدة والقول العنيف في الحوار مع الشباب المصاب بلوثة التشدد وجرثومة الإرهاب، فهذا من شأنه أن ينفرهم ويقربهم لمحاضن الإرهاب، بل يحاورون بالقول الهين اللين، فالفكر المنحرف لا يقارعه إلا فكر متزن مقنع.