&مطلق بن سعود المطيري

يبدو أن الوضع الإصلاحي في العراق يحتاج لخطب منبرية وشعر أكثر من حاجته لقرارات سياسية ومبادرات تنموية وتحرك وطني يسترجع ما سلب غدراً من سيادته، في الاجتماع للمجلس الوطني الشيعي الذي حضره قاسم سليماني الذي أراد انتزاع وعدٍ من رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بعدم ملاحقة رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي قضائياً على قضايا الفساد التي ارتكبها أثناء فترة تولية رئاسة الحكومة وواجه طلبه رفضاً جريئاً من رئيس الحكومة مما جعل سليماني يخرج من الاجتماع غاضباً فالرئيس العبادي شريك المالكي في الانتماء الحزبي "حزب الدعوة" لم يكن في رفضه حزبياً سياسياً ولكن شعبياً وطنياً لذا أغضب الجنرال الإيراني بقوة سلاح الشعب الناقم على الوجود الإيراني في بلده، عدم إيماننا بالعمل السياسي في العراق ينبثق من تجربة النخبة السياسية الشيعية في الحكم، حيث اعتمدت على موالاة طهران وعلى السياسة الانتقامية من المكون الآخر للشعب العراقي، أما الدعوة للغة الأدب والشعر كخطاب بديل عن الخطاب السياسي يعود بالأساس إلى مجاراة العاطفة الشعبية العراقية التي كفرت بأعمال النخبة السياسية، فقاسم سليماني البطل الفارسي وقائد مشروعها الطائفي في المنطقة لن يجعل السياسة العراقية تفلت من يديه ويملك من السيطرة في العراق من القوى الثورية الطائفية ما يجعل إرادته عصية على كل المطالبات الشعبية التي تريد محاسبة زبانية مشروعه حساباً وطنياً وقضائياً..

ماذا تعني انتفاضة الشعب العراقي على رؤوس الفساد والسياسات التي مزقت بلدهم لتحقيق أطماع الجارة طهران؟ تعني أن هناك ضميراً وطنياً شعر بالإهانة والذل ولم يعد لديه صبر يدفعه للاحتمال أكثر، فالمظاهرة معززة بوجود مراجع دينية شيعية آمنت بعروبة العراق وبحق شعبه في الحصول على عيش كريم، فالحجة الدينية بكلا مذهبيها حاضرة ومؤيدة لمطالب الشعب، فعدم استجابة الحكومة لتلك المطالب ربما يدفع الشعب العراقي لخيارات أكثر عنفاً ودموية فلم تعد الوعود السياسية قادرة على تأجيل غضب الشارع لمرحلة قادمة، وكذلك هذه هي المرة الأولى منذ عام 2003 الذي يخرج بها الشعب العراقي العربي بكلا مذهبيه مطالباً بحقوق العراقيين الوطنية بعيداً عن التمذهب والطائفية وهذا توجه وطني وخطير فأي التفاف عليه سيدخل العراق في بحر دم جديد..

الشعب العراقي عبّر بصدق عن عروبته رغم المخاطر التي تحيط بهذا التوجه من كل اتجاه، فصوت العروبة الغاضب الذي خرج من أبناء العراق العزيز يحتاج معاضدة صادقة من أشقائه العرب، فالاعتذار بتمزق العرب وضعفهم يعد ضعفاً فأبناء العراق لا يحتاجون لسلاح أو مال أو رجال كل ما يحتاجونه هو صناعة مشاهد معنوية عربية مؤيدة له ، تبدأ من مواقع التواصل الاجتماعية العربية وليس من الجامعة العربية التعيسة، تحتاج للغة أدباء العرب القومية، فقد يكون الشعر أكثر صدقاً للعرب من السياسة، فهل تصدق عاطفة العرب هذه المرة مع انتفاضة الشعب العربي العراقي؟ أم فساد السياسة قضى حتى على اللغة التي تصنع من الدمعة رصاصاً يفتك بصدور الأعداء.