& أحمد الفراج&


قبل أسابيع فقط، كتبت عن الانتخابات الأمريكية القادمة 2016، وقلت إن المرشح الجمهوري، الملياردير دونالد ترمب، يهرطق بلا توقف، ولكن لا أمل له بالفوز في الرئاسة، وما زلت عند رأيي، ولكن ما لم أكن أتوقعه، ويتوقعه غيري من المتابعين لسباقات الرئاسة الأمريكية، هو أن ترمب حلق عالياً خلال الأسبوعين الماضيين، والحقيقة أنه ذكّرني في خطبته الأخيرة قبل أيام، في ولاية نيوهامشر الصغيرة، والهامة جداً، بالرئيس باراك أوباما خلال بدء حملته الانتخابية في عام 2007، فقد بدا السيد ترمب كنجم واثق من نفسه، وكان جمهور الحاضرين متحمساً له، ويصفق عند كل كلمة يتفوّه بها، وهكذا، تماماً، كانت بداية باراك أوباما، والتي انتهت بفوزه بالرئاسة، وسط دهشة العالم أجمع.

لا جدال في أن دونالد ترمب شخص متغطرس قميء، وانتهازي، وعنصري أحمق. هذا، ولكنه لعب على وترين هامين جداً، إذ يبدو أن مستشاريه الإعلاميين من الطراز الرفيع، فقد ركز على رغبته في أن يعيد لأمريكا هيبتها، إذ إن عنوان حملته الانتخابية: «فلنجعل أمريكا قوية مرة ثانية»!! في إشارة إلى أن أوباما ساهم في إضعاف الإمبراطورية الأمريكية، وأفقدها هيبتها، وهو أمر صحيح إلى حد ما، أما الأمر الآخر، فهو تركيزه في الهجوم «الشنيع» على أشرس خصمين له، وهما المرشح الجمهوري، جيب بوش، والديمقراطية، هيلاري كلينتون، ومن المسلّم به أن هذين المرشحين أسدان جريحان، فجيب بوش تخبط كثيراً، وارتكب أخطاء جسيمة، أما هيلاري كلينتون فهي تصارع فضيحة بريدها الإلكتروني، وهي القضية الأمنية الحساسة، التي قد تتحول إلى قضية جنائية تحطّم مستقبلها السياسي للأبد، مثلما حصل للجنرال الشهير ديفيد باتريوس!!

&

&

دونالد ترمب خصم شرس لباراك أوباما، وهو الذي تعهد بدفع مبلغ خمسة ملايين دولار لمن يثبت أن أوباما ولد على الأرض الأمريكية!! ولا نغفل الجانب العنصري هنا، ويبدو أن الشعب الأمريكي سئم من تردد إدارة أوباما وضعفها، كما سئم من الحروب قبل ذلك، وفي ذات الوقت، يصعب التنبؤ بفوز دونالد ترمب، ولكن من يدري، فلم يكن أحد يتوقّع فوز الأسمر أوباما في 2008، وبالتالي فإن فرصة ترمب بالفوز تكمن في مقدرته على مواصلة الهجوم على خصومه من كلا الحزبين، وفي إثباته أن بمقدوره إصلاح الاقتصاد، وإعادة هيبة الولايات المتحدة، فمن نقاط قوته أنه شهير، ومثير، وليس بحاجة لتبرعات، فهو ملياردير يدعم حملته الانتخابية من ماله الخاص، أما نقطة ضعفه فهي أنه يكثر من الكلام الكبير، دون برنامج إصلاحي واضح، حتى الآن على الأقل، فلنتابع تطورات الأشهر القادمة، فالسيد ترمب أعطى بعداً جديداً للانتخابات، وربما أنه لن يفوز، ولكنه، بالتأكيد، أعطي زخماً، وإثارة لم تشهدها أمريكا، منذ انتخاب باراك أوباما في 2008، فلنتابع المشهد عن قرب!