&تمسك العبادي بالاصلاحات رغم الضغوط وإخفاق الأحزاب الكردية في قضية الرئاسة


مصطفى العبيدي

& فرضت تداعيات التظاهرات والقرارات الاصلاحية للحكومة العراقية نفسها على تطورات الأوضاع في العراق هذه الأيام. وتواصلت قرارات رئيس الحكومة حيدر العبادي لمزيد من الترشيق في الدوائر الحكومية مع الحرص على الإعلان عن التمسك بنهج الاصلاح الذي تبناه مستندا على تخويل التظاهرات الشعبية الحاشدة وتوصيات المرجعية الدينية.
وبدا واضحا ما حذر منه الكثيرون من وجود حركة مناهضة للاصلاحات من قبل قوى متعددة في المجتمع ومنها إعلان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، تأييده للاصلاحات شرط الالتزام بالدستور ورفضه إقالة نوابه الثلاث. كما طالب عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي بضرورة التشاور مع الشركاء حول القرارات الاصلاحية، وهو الأمر الذي دفع العبادي إلى عقد حوار مع نخبة سياسية وإعلامية شدد فيه على ان موافقة مجلسي الوزراء والنواب على حزمة الاصلاحات التي أقرها وتأييد الشعب والمرجعية هو تخويل قانوني ودستوري له للمضي في تلك القرارات، وإذا أراد البرلمان إجراء تعديلات على الدستور فليفعل ولكنه لن ينتظر حتى تحقيق ذلك. كما أشار إلى أن التشاور مع الشركاء سيأخذ وقتا طويلا للتوصل إلى توافقات دون ان يستبعد امكانية حل البرلمان وتعطيل الدستور إذا حضي بتخويل شعبي عبر الاستفتاء.
وضمن التظاهرات برزت حالات لافتة للنظر منها تعرض المتظاهرين وتجمعاتهم إلى عدة حالات اعتداء وفي مدن مختلفة من قبل عناصر في الأجهزة الأمنية أو الميليشيات لفض الاعتصامات والتظاهرات بالقوة رغم تأكيد العبادي على حماية التظاهرات من قبل الأجهزة الأمنية. كما شهدت التظاهرات مؤشر ذو دلالة كبيرة عندما قام متظاهرون في المدن الشيعية مثل كربلاء والنجف والكاظمية وغيرها برفع لافتات وترديد شعارات معارضة لتنامي النفوذ الإيراني في العراق، حيث صدحت هتافات مثل (إيران بره بره .. كربلاء تبقى حرة). وتعرضت صور المراجع الإيرانية في الشوارع العراقية إلى التمزيق والتخريب في ظاهرة تحصل لأول مرة في عراق ما بعد 2003 . وهو الأمر الذي أزعج إيران ودفع مسؤوليها إلى انتقاد التظاهرات والتشكيك بنوايا القائمين عليها ومحاولة انهاءها مع توجيه اتهامات بوقوف دول خارجية وراءها.
والنسبة إلى تطورات أزمة الرئاسة في اقليم كردستان العراق، فقد ظهر عمق الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسية حول العديد من القضايا، حيث فشلت عدة لقاءات بين قادة الأحزاب في اربيل والسليمانية في التوصل إلى حل وسط واتفاق على الحد الأدنى من الشروط لتمديد فترة رئيس الاقليم مسعود البارزاني لعامين حتى الانتخابات المقبلة عام 2017 مع اصرار الأحزاب وخاصة في السليمانية على وضع شروط تتعلق بصلاحيات رئاسة الاقليم ومنها سيطرته على القوات الكردية إضافة إلى التمسك بانتخاب الرئيس من قبل البرلمان وليس عبر الاستفتاء الشعبي كما يطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده البارزاني. ورغم الإعلان عن الاتفاق على 13 نقطة لتعديل قانون رئاسة الاقليم، فإن النقاط المثيرة للجدل ما زالت قائمة، وسط رغبة عامة في الاقليم وبغداد لحل هذه الأزمة التي جاء توقيتها غير مناسب مع استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية المحيطة بالبلد. وعسكريا، تصاعدت حدة المواجهات والمعارك العنيفة بين القوات العراقية وتنظيم «الدولة» مع استمرار معارك الكر والفر دون انبلاج أفق حسم واضح لأحد الطرفين، رغم شن القوات العراقية والبشمركة وبدعم من طيران التحالف الدولي، عدة هجمات وخاصة في الأنبار وبيجي وسامراء، حيث بقي الوضع على ما هو عليه مع بروز حالات تحتاج التوقف عندها ومنها معلومات عن انسحاب بعض قوات الحشد الشعبي من بيجي بعد أيام من زيارة العبادي لها ودعوته لحسم المعركة فيها كضرورة للانطلاق نحو تحرير الموصل. وأثار ذلك مخاوف من وجود بعض القيادات العسكرية في القوات الحكومية أو الحشد الشعبي التي لا تريد للعبادي ان يحقق انتصارات على التنظيم، مما يعزز موقفه في إصدار المزيد من القرارات والإجراءات الاصلاحية التي تضرر بها بعض السياسيين والقوى الأخرى.


ومن جانب آخر، أثار انخفاض أسعار النفط العالمي مجددا مخاوف الخبراء من الآثار المترتبة على الاقتصاد العراقي الضعيف أساسيا تجاه الأزمات الاقتصادية والعجز الذي تعاني منه الميزانية العامة رغم إجراءات التقشف وتقليص النفقات الحكومية. كما دفعت الحكومة البنك المركزي العراقي إلى تقديم قروض بعدة مليارات لتأهيل القطاعات الاستثمارية في الزراعة والصناعة والتجارة لتوفير المزيد من الموارد وتقليل الاعتماد على استيراد كل شيء من الخارج.

&