طلال آل الشيخ

ليس من الطبيعي العودة إلى مصافحة نظام قتل مئات الآلاف من الشعب. هذا سيكون له ثمنه الباهظ، حديث الأسد حتما لم يعد مقنعا، والروح التي خرج بها هي روح مقاتل يحارب طواحين هواء بسيوف من خشب

&


تناقضات كبيرة جدا ساقها بشار الأسد في لقاء أجرته معه قناة المنار الأسبوع المنصرم. تصنيفات أدلى بها للمرة الأولى، من قبيل الأعداء، والخصوم؛ الخصوم في رؤيته بالطبع هم العرب الذين رفضوا حل الأزمة السورية بالطريقة الأسدية -أي بالحديد والنار- أما الأعداء كما يحاول إقناع الشارع المؤيد له فهي إسرائيل التي لطالما وعد مؤيديه بأنه سيرد في الوقت المناسب على انتهاكاتها، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن على الرغم من تفاقم تطاول تل أبيب على دمشق.


في حديث الرجل اعترافات ضمنية جديدة قد تقتضيها المرحلة الحالية من الحرب بعد مرور قرابة خمس سنوات. قوله إنه من الممكن التنازل عن جزء من سيادة الدولة في مدينة ما ولو تكتيكيا يعد في الشكل والمضمون اعترافا بضعف على قدر كبير، أو على الأقل ربما حدوث شرخ كبير في السياسة السورية التي لطالما وضعت السيادة على الدولة ضمن أمور قد تقود إلى الحرب ضد أي دولة، في النهاية اتضح أن الأمر شعارات لا أكثر مقابل التمسك -وإن جزئيا- بكرسي الحكم.


يذكر أنّ الرجل بدا غير متزن، وهو يبعث رسائل الغزل -في ذات المطاف- إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله -شريكه في قتل السوريين- والتي لم تكن كسابقاتها، كان في الغالب ما يثني على "السيد"، لكن هذه المرة كان المديح مربوطا بالمشروع الذي يناضل من أجله "محور المقاومة" بعيدا عن سياسات "سورية" الدولة من حيث ارتباطها بميليشيا قتلت مئات الآلاف من السوريين، ربما ذلك يحتمه من يدير ارتباط سورية بميليشيا حزب الله، هناك في طهران شكوى الأسد أيضا في ذات المقابلة التي أجرتها معه قناة المنار، من نقص شديد في الإقبال على الالتحاق في صفوف القوات المسلحة والجيش، هذا أقل ما يقال عنه أنه فضيحة كبرى في منهجية النظام السوري، وإثبات عدم جدوى قمع الشعوب عن نيل حريتها، وبالتالي سياسة كبرى فاشلة حتما ستقود ربانها طال الوقت أم قصر إلى الحساب، في هذا المقام يجب على الإخوة في مصر التنبه إلى الرسائل التي وجهها الأسد إلى الإدارة المصرية، ووضعه حرب مصر ضد مشروع الإخوان المسلمين محور شراكته مع النظام المصري -للعداء التاريخي الذي ورثه الأسد الابن عن والده للإخوان- وأن اتصالات أمنية قائمة بين دمشق والجانب المصري، وأن محاولته للزج بهذا الأمر في هذا الوقت تحديدا عبارة عن محاولات لكسب الشرعية التي افتقدها في الأصل من قبل الجامعة العربية والمجتمع الدولي.


سياسيا، ليس من الطبيعي العودة إلى مصافحة نظام قتل مئات الآلاف من الشعب. هذا سيكون له ثمن باهظ، حديث الأسد حتما لم يعد مقنعا كما سبق، والروح التي خرج بها الرجل، هي روح مقاتل يحارب طواحين هواء بسيوف من خشب، بدا هذا واضحا.
&