عبدالله بن بجاد العتيبي
عزّزت دولة الإمارات العربية المتحدة من حضورها الإقليمي تنموياً وسياسياً وعسكريا وإغاثياً، فهي أقامت حلفاً سياسياً متيناً مع المملكة العربية السعودية في الوقوف ضد ما كان يعرف بـ«الربيع العربي»، ورأت أنه لن ينتهي إلا إلى مزيدٍ من الفوضى والأصولية وتصاعد الإرهاب.
وكانت واحدة من أهم نتائج ذلك التحالف هي مهمة إنقاذ الدولة المصرية والشعب المصري من الحكم الأصولي الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين التي سعت جهدها للتحالف مع إيران ووضع كل إمكانات مصر في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة، فدعمت الشعب المصري الذي ملأ شوارع مصر ودعمت الجيش المصري الذي استجاب لمطالب شعبه وتمت خطة الإنقاذ وتلتها مشاريع الإنقاذ التنموي التي شاركت فيها الإمارات بكل قوة وبحجم ضخم من المشاريع التنموية الفعالة والمؤثرة.
&
وقد توسّع التحالف الإماراتي السعودي فدخلت فيه الكويت والبحرين، وصولاً لذروة هذا التحالف في عاصفة الحزم لإنقاذ الدولة اليمنية والشعب اليمني وإعادة الشرعية إلى اليمن وهو تحالف عربي قوي يشمل عشر دول عربية تقف فيه دولة الإمارات في المرتبة الثانية مباشرة بعد السعودية في كل شيء من التخطيط السياسي والإدارة الواعية في التمهيد للحرب ومن ثم المشاركة القوية في التنفيذ وتسجيل النجاحات.
وقد قامت دولة الإمارات بتدريب مئات أو آلاف الجنود اليمنيين وتهيئتهم لاستعادة دولتهم ونصرة شعبهم ضد ميليشيات «الحوثي» الإيرانية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وقد حضرت في تحرير عدن الذي كان بداية الانطلاقة للحرب البرية التي لم تزل مستمرة حتى اليوم وستستمر حتى تحرير كامل التراب اليمني، وكان لضباطها وجنودها قصب السبق في ذلك التحرير وكانت معداتها وآلياتها العسكرية تمشط شوارع عدن وتساند المقاومة الشعبية وتدحر المعتدين وتقضي على فلولهم.
إن قوافل شهداء الإمارات في تلك المعارك لم تزل تضوع مسكاً بعاطر الذكر وتستقبل جنائزهم استقبال الأبطال ويحضر عزاءهم كل قيادات الدولة حفظاً لمآثرهم في كتاب التاريخ، وتسجيلاً لسيرهم في ذاكرة الأجيال، ليبقوا نبراساً للبطولة وصناعة المجد والذود عن الأوطان، لقد كان لدولة الإمارات وقواتها المسلحة أدوار تاريخية في العديد من المناطق الساخنة في العالم، فهي شاركت ببسالة في تحرير الكويت 1991، وفي الصومال وفي البوسنة وكذلك في كوسوفو وفي أفغانستان 2003 وفي البحرين 2011 مع قوات «درع الجزيرة»، وقد أكسبتها تلك المشاركات على غير إحصاءٍ خبرةً ميدانيةً وقتاليةً في التخطيط والتنفيذ مكّنتها أن تكون أكثر فاعليةً وإنجازاً ونجاحاً في «عاصفة الحزم» وفي «السهم الذهبي» لإنقاذ اليمن.
لقد أصبحت دولة الإمارات رقماً صعباً في كل صراعات المنطقة، وتمتلك ثقلاً خاصاً في الملفات الإقليمية والتوازنات الدولية تجاهها، يسند ذلك الوعي المتقدم والقراءة المتفردة لواقع ومستقبل المنطقة، إنها فاعل سياسي وقوة عسكرية ضاربة بتجربتها وبوعيها وبعملياتها على الأرض، ومن آخر ذلك العملية الاستخبارية المحكمة في إنقاذ الرهينة البريطاني المختطف من قبل تنظيم «القاعدة في اليمن» وتحريره وإيصاله سالماً لأهله.
ومن هنا جاء استهداف ميليشيا «الحوثي» لسفارة الإمارات في صنعاء تلك التي استنكرتها كل دول التحالف العربي، ولكنها تعبير عن مدى الهزيمة التي يشعر بها أنصار «الحوثي» والمخلوع، وهؤلاء يعلمون دور الإمارات فيها، وليس مستغرباً أن يصنع المهزوم والخاسر مثل هذه الأعمال الإجرامية.
ولكن أعداء الإمارات في اليمن ليسوا ميليشيا «الحوثي» وأتباع المخلوع «صالح» فحسب، بل ثمة جهةٌ ثالثةٌ لن تني عن استهداف الإمارات على الرغم من دورها البطولي وحلفها الإستراتيجي مع السعودية، وتلك الجهة تتمثل في أتباع جماعة «الإخوان المسلمين» في السعودية وبعض دول الخليج.
فهؤلاء المؤدلجون غاظتهم أدوار الإمارات المتصاعدة ووعيها المتقدم، وغاظهم نجاح الإمارات في حربها ضد جماعة «الإخوان المسلمين» والجماعات الإرهابية المتولدة عنها، فخططوا وقدروا وأطلقوا حملةً متواصلةً في التهجم على الإمارات بالإشاعات المغرضة والأكاذيب الملفّقة والمحاولات المستميتة لدق إسفينٍ بين الإمارات والسعودية، وهم يعلمون يقيناً أن الذي قضى على طموحاتهم في الحكم والسلطة بعد ما كان يعرف بـ «الربيع العربي» إنما كان بتحالف الإمارات والسعودية.
أخيراً، فإن الملاحظ هو أنهم كلما نشطوا في بث الشائعات، كلما زاد التحالف قوةً، وكلما أوغلوا في اختراع الأكاذيب زادت انتصارات «عاصفة الحزم» ونجاحات القوات الإماراتية فيها، وكلما تعاظم دور الإمارات السياسي في المنطقة وزاد ثقلها على الصعيد الدولي، وها هي جمعياتهم في العالم تنفضح واحدةً تلو الأخرى، وآخرها جمعية الكرامة في إيطاليا.
&
التعليقات