&
ينتظر أن تتبلور في الأيام المقبلة مواقف سائر الفرقاء اللبنانيين من الدعوة التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري الى الحوار في ما بينهم، بعدما لقيت تجاوباً من عدد من قيادات الأحزاب والكتل النيابية، ليقرر قبل العاشر من الشهر الجاري (الخميس المقبل) توجيه الدعوة الى هذا الحوار.


وتُسابق تحضيرات دعوة بري الى الحوار الحراكَ الشعبي الذي كانت الهيئات الشبابية والمدنية أطلقته في الشارع ولوّحت بتصعيده بعد انتهاء المهلة التي حددتها خلال تظاهرة السبت الماضي الحاشدة، وتنتهي مساء اليوم، كما تسابق الدعوة التي أطلقها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لأنصاره للنزول الى الشارع الجمعة المقبل تحت عنوان استعادة شراكة المسيحيين في القرار، على خلفية الخلاف على مطالبه في شأن اتخاذ القرار في الحكومة بالإجماع لا بالأكثرية وترقية عدد من الضباط من رتبة عميد الى لواء، وتعديل قانون الدفاع من أجل تشريع تمديد خدمة قائد الجيش العماد جان قهوجي وضباط آخرين التي يعتبرها عون غير قانونية.

&


ومن الأطراف الرئيسيين الذين أعلنوا تجاوبهم مع دعوة بري، زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، كما صدرت أمس مجموعة مواقف مرحبة من «حزب الله»، الذي وجد فيها «فرصة جدية» لحلحلة الكثير من القضايا، ومن حزب «الكتائب» الذي شجع «أي مبادرة تزيل العوائق أمام ملء الشغور الرئاسي»... وبينما صدرت مواقف مشابهة من رؤساء كتل صغيرة، يُنتظر أن يعلَن موقف العماد عون منها بعد ترؤسه اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح النيابي» بعد ظهر اليوم، من دون أن يستبعد نواب من التكتل تجاوباً منه مع الدعوة، فيما توقع نواب من كتلة «القوات اللبنانية» أن يعلن رئيس الحزب سمير جعجع موقفه في خطابه السبت المقبل في مهرجان «ذكرى شهداء القوات».
وقال أحد الأقطاب الذين يفترض أن يشاركوا في الحوار، إن لا أحد يمكنه رفضه، وفي أسوأ الأحوال فإنه يساعد على كسب الوقت وتحسين شروط انتظار تبلور الأمور إذا كان لا بد من توقع عوامل خارجية مساعدة على الحلول في لبنان.


وأضاف: «لا بد من تبريد الأجواء في البلاد لحفظ الاستقرار فيه ولمعالجة القضايا الاقتصادية، كي لا يؤثر تدهورها على استقرار النقد، فضلاً عن أن الاحتجاجات الشعبية التي حصلت ويجب عدم الاستخفاف بها، لا سيما ما جرى السبت في ساحة الشهداء، فهي ليست مجرد فشة خلق بل جرس إنذار لا بد من التعامل معه بإيجابية، لأنه لا يجوز استمرار الوضع على ما هو عليه وإلا ذهب لبنان الى درجة انحلال الدولة». وقال القطب نفسه: «كان دور القوى الأمنية مهماً في حفظ الأمن وفي التعاطي الاستيعابي مع تجمع السبت الماضي، لكن الأمن الاجتماعي هو الذي يسمح بتثبيت الاستقرار في البلد». ودعا إلى ترقب الدعوة التي سيوجهها بري الى المتحاورين والمعايير التي سيختار على أساسها رؤساء الكتل النيابية، كما قال، وتحديداً هذه الكتل، مؤكداً أن البند الأول المتعلق برئاسة الجمهورية هو البند التنفيذي الوحيد، لأن على المتحاورين الولوج إليه فيما البنود الأخرى لها آليات معينة بعضها عالق في اللجان النيابية مثل قانون الجنسية، فيما يتطلب قانون الانتخاب بحثاً تفصيلياً سبق للجنة نيابية مصغرة أن خاضت فيه السنة الماضية.


وقالت مصادر نيابية لـ «الحياة»، إن بري ينوي توجيه دعوات الى رؤساء كتل نيابية صغرى وكبرى بحيث يحضر اجتماع الحوار الرئيس فؤاد السنيورة عن كتلة «المستقبل»، العماد عون عن تكتله النيابي، النائب محمد رعد عن كتلة نواب «حزب الله»، جنبلاط عن كتلة «اللقاء الديموقراطي»، النائب سامي الجميل عن كتلة «الكتائب»، النائب جورج عدوان عن كتلة «القوات اللبنانية»، النائب سليمان فرنجية عن كتلة لبنان الموحد، وممثلو الكتل الصغيرة نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر، الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير ميشال فرعون عن كتلة نواب الأشرفية، النائب طلال أرسلان، النائب أسعد حردان (الحزب السوري القومي الاجتماعي)، النائب هاغوب بقرادونيان عن كتلة «الطاشناق» والنائب عاصم قانصوه عن كتلة حزب «البعث»، ما يجعل المشاركين في الحوار 16 من قادة الكتل النيابية، إذا أضيف إليهم الرئيس بري ورئيس الحكومة تمام سلام. وقالت مصادر بري إنه متفائل بردود الفعل ولن يتأخر في توجيه الدعوة لهؤلاء.


وقالت مصادر سياسية متعددة إن دعوة بري فرضت حسابات جديدة على بعض جوانب الأزمة السياسية، بحيث إن مجلس الوزراء لن يدعى الى الاجتماع قبل اجتماع قادة الكتل، لعلهم يجدون مخرجاً للخلافات التي تحول دون تفعيل عمل الحكومة، وهو من بنود الحوار. كما أن القمة الروحية الإسلامية- المسيحية تأجلت في انتظار طاولة الحوار.
وعلى صعيد المساعي لحل أزمة النفايات، حصل تطور أمس بانسحاب وزير البيئة محمد المشنوق من اللجنة الوزارية المولجة متابعة هذا الملف. وأصدر سلام قراراً بتكليف وزير الزراعة أكرم شهيب (تولى حقيبة البيئة سابقاً) رئاسة لجنة خبراء لتقديم تصور متكامل للحل لرئيس الحكومة، وعلمت «الحياة» أن سلام لجأ إلى هذا الحل نظراً الى رفضه مطلب استقالة المشنوق الذي طرحه الناشطون في حملتي «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب» السبت الماضي، لأنه لا يقبل بالخضوع للضغط، ولأن الاستقالة تخل بالتوازن الدقيق داخل الحكومة. ورفض شهيب الإدلاء بأي تصريحات حول مهمته، لأن المطلوب نتائج وليس الكلام، على أن يبدأ لقاءات مع خبراء اختارهم منذ اليوم. إلا أن الناشطين في منظمات المجتمع المدني اعتبروا أن هذا المخرج لا يلبي مطلبهم استقالة وزير البيئة، وأبلغوا «الحياة» أنهم سيلجأون بدءاً من مساء اليوم الى خطوات تصعيدية قالوا إنها ستكون مفاجئة للمسؤولين.