أمجد المنيف

لا زلت أؤمن، والأمر لا يتعلق بمدى إيماني أو عدمه، وإنما من واقع نعايشه؛ أن "داعش" تعمل بشكل احترافي متطور في عمليتها الاتصالية، سواء في رسائلها الموجهة للحكومات، أو في طريقة مخاطبتها للشعوب، التي تختار أحدث "التكنيكات" لاستمالة عواطفهم.

من الضروري أن نشير إلى أن الأمر ليس كلاما ارتجاليا، أو توقعات مبنية على انطباعات شخصية، وإنما بات واضحا، من خلال الأرقام والدراسات، التي حاولت أن ترصد مدى اهتمام العامة ب"داعش"، وتطور الاهتمام بأخبار هذا التنظيم المتطرف، ففي كتاب "داعش (تنظيم الدولة).. في عيون الشعوب"، المنشور لسامر أبو رمان، والذي تحدث فيه عن استطلاعات الرأي العام العربي والغربي حول "داعش"، أكد على ذلك، ورصد بشكل دقيق هذه الظاهرة، حيث كتب: "تظهر نتائج استطلاعات الرأي بوجود معرفة كبيرة ب"داعش"، وأن هذه المعرفة تتنامى لدى الأميركيين، حيث ارتفعت النسبة المئوية للذين يعرفونها كثيرا إلى 56%، في استطلاع Marist College Institute for Public Opinion، والذي أجري نهاية سبتمبر 2014، وكذلك استطلاع CBS News الذي أجري في أكتوبر من العام نفسه، في حين كانت المعرفة بدرجة كبيرة 36% فقط في نهاية يونيو 2014 كما في استطلاع CBS News، وبالطبع فإن من البدهي أن يسهم طول الفترة الزمنية للضربات الجوية وعمليات التحالف وما تخللها من أحداث مهمة في زيادة المعرفة لدى الرأي العام، فضلا عن مسألة إعدام الرهائن الغربيين والعرب، وتصوير عمليات قطع الرؤوس والنحر والحرق، لتصل نسبة المعرفة بها إلى 87%، ما بين معرفة كبيرة أو بعض الشيء"

وكما نؤكد دوما، أن "الدواعش" لا يستخدمون العنف، أو طرائق القتل بشكل عشوائي، وإنما بطرق مدروسة، تهدف لتحقيق رسائل مختلفة، أكد عليها رمان في كتابه، حيث يقول: "وفي شأن متابعة الأميركيين لأخبار إعدام الصحفيين والغارات الجوية من قبل الولايات المتحدة وغيرها، تبين من استطلاع Henry J. Kaiser Family Foundation الذي أجري في نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر 2014، أن متابعة حوادث قتل الصحفيين والغارات الجوية تزيد من نسبة المتابعة، حيث كانت النسبة في بداية سبتمبر للمتابعة 63%، (34% متابع إلى حد كبير، 29% إلى حد ما).. وبما يرتبط بجانب المتابعة والمعرفة، وردت بعض الأسئلة الخاصة بمدى اهتمام الأميركيين ب"داعش"؛ ونتائجها لا تختلف بالمجمل عن المتابعة والمعرفة حيث نجد من استطلاع CNN/ORC، والذي أجري في نهاية سبتمبر أن الأغلبية الساحقة من الأميركيين مهتمون جدا، ومهتمون إلى حد ما ب"داعش" 85%، (51%، 34%)".

المهم ليس ما يفعله "الدواعش"، وإنما مدى استجابة المتلقين، الذين يمكنهم أن يكونوا جنودا لهم من خلف الشاشات، يسهمون في تحقيق أهدافهم، أو جنودا لإسقاطهم، يواجهون كل ألاعيبهم بالوعي، يدحضون كل ادعاءاتهم، ويقفون دوما بالمرصاد! والسلام