&محمد الوشيحي

&
لو أن واحداً من وعاظ السلاطين والأجهزة الأمنية جلس في قاعة إحدى الجامعات الأوروبية، أو الأميركية، أو اليابانية، أو الأسترالية، أو أي دولة يتمتع شعبها بوعي، وحدثهم بصدق عن منظوره للدين قائلاً: "أرى ألا يتم توجيه النقد لأيٍّ من المسؤولين، أو أيٍّ من أبناء الأسر الحاكمة، باعتبارهم ولاة أمر، ويجب عدم الاعتراض على سرقاتهم، وبطشهم، وظلمهم، بل يجب قبول أعمالهم، والثناء عليهم، وقمع كل من يعترض على أفعالهم".
ولو استمر هذا الواعظ اللعاق في حديثه الخانع، مهما فغرت أفواه الجالسين أمامه في القاعة: "ويجب القبول بالذل الذي تفرضه الأنظمة الحاكمة، كحزب البعث السوري مثلاً، ويجب علينا الصمت عندما تدوس أحذية الجلاوزة رؤوسنا ورقابنا، كي لا تشيع الفتنة وتزهق أرواح الأبرياء. وإن من يتحمل غرق الأطفال السوريين وأسرهم في المحيطات والبحار هم الثوار لا النظام الحاكم الظالم"، وهكذا.
تخيلوا، لو حدث ذلك، ردة فعل الموجودين في القاعة، كيف ستكون يا ترى؟ بمَ سيقذفون هذا اللعاق؟ وكيف سينظرون إلى ديننا؟ وكيف سيقيّمونه، بعد أن تحدث أحد أتباع هذا الدين، عن وجوب الصمت أمام الظلم، وقبول الذل، وتشجيع الفاسدين، ومحاربة كل من يعارضهم؟
دعوا عنكم الصور التي تغص بها صحفنا عن "المهتدين الجدد" من العمالة الضعيفة التعليم، التي لا تقرأ ولا تشاهد ولا تسمع ما يقوله هؤلاء عن الإسلام، وكيف حولوه إلى دين تذلل وضعف وتأييد للظلم... دعوا ذلك، وحدثوني عن المتعلمين، الذين يناقشون ويستفسرون ويبحثون في الكتب والمراجع. حدثوني عن هؤلاء ونظرتهم إلى ديننا بعد أن يستمعوا إلى محاضرات وعاظ السلاطين والأجهزة الأمنية.