محمد الوعيل

عندما تتحرك الدبلوماسية السعودية، فإن عيون العالم ترقبها وتترقب نتائج هذا التحرك الذي لا يأتي أبداً من فراغ، وإنما يعكس التزاماً سياسياً بتعزيز الروابط مع كافة القوى المؤثرة في العالم، كما يعكس الثقل الاستراتيجي، والمكانة المرموقة اللذين تحتلهما هذه البلاد، ليس كقوة اقتصادية غاية في التأثير فقط، ولكن كمنهج دبلوماسي يحرص على حل الصراعات سلمياً بمثل ما يعزز الترابط الدولي.

وما زيارة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، للعاصمة الأميركية واشنطن، ولقاؤه الرئيس باراك أوباما وكبار المسؤولين وصانعي القرار الأميركي، إلا خطوة إضافية ضمن سلسلة الجهود السعودية لحلحة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولة جادة تسعى لإعادة الاستقرار عبر حلول عادلة وجريئة لكافة القضايا وفي مقدمتها عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك مواجهة الإرهاب وتداعياته ليس على المنطقة وحدها ولكن على العالم بأسره.

ولأن المملكة ضمن منظومة الدول الرائدة في المحافظة على السلم العالمي، تكون أهمية تحركها موازية لثقلها الاستراتيجي المدعوم بعقلانية في الفكر أو الطرح، وخاصة أن القيادة السعودية، كثيراً ما دقت ناقوس الخطر وحذرت كثيراً من مخاطر التعامي الغربي عما يحدث، خاصة في مجال مواجهة الإرهاب، وصدق ما توقعته، من أن الغرب أيضاً سيكتوي بذات النار التي وقف متفرجاً على اشتعالها دون أن يتدخل أو حتى يتفاعل مع التحذيرات.

ومن هنا تأتي أهمية زيارة الملك سلمان، حيث الملفات العالقة تحتاج لحديث الصراحة والوضوح، لا سياسات "منتصف الحلول". فالمملكة التي كانت صاحبة أول دعوة متكاملة للسلام في الشرق الأوسط، عام 1981، هي ذاتها صاحبة أول مبادرة عربية متكاملة لذات السلام، والتي للأسف تحتاج لإرادة دولية قوية للتعامل معها.. وتحديداً من واشنطن.

والمملكة هي ذات البلد الذي صرخ محذراً من تداعيات الإرهاب، ووقف بقوة ضد كل الأفكار الإرهابية ودعوات التطرف، فيما انشغل العالم بترويج الشعارات.. والمملكة هي الدولة التي امتلكت زمام الشجاعة وقادت تحالفاً عربياً ضد الإرهاب الحوثي ومخطط إسقاط الدول العربية بيد جماعات تلبس ثوب الإسلام السياسي الموجّه، والمدعوم من قوى إقليمية معروفة، لا يهمها سوى إحداث الفوضى والتقسيم في العالم العربي.

رسالة السعودية لواشنطن اليوم، هي أن الصوت العربي بات في مركز القوة، وأنه إذا كانت واشنطن يهمها الاستقرار في المنطقة فعليها أن تتحمل مسؤولياتها كقوى عظمى لا ننكر دورها، وبالمقابل فإننا أصحاب حق ينبغي ألا تتنكر له واشنطن أو غيرها..