&ابراهيم سنجاب

&
من مفارقات القدر أن تركيا وإيران كانتا من بين دول حلف بغداد الذى أسقطته مصر فى الخمسينيات من القرن الماضي, وهما ذاتهما الدولتان المتداخلتان الآن فى الأزمة السورية مع تغيّر الأدوار.!
ومثلما أسقطت مصر «حلف بغداد القديم» لتمهد لنفسها طريقا للعب دور إقليمى فى الشرق العربى، فإن حلف بغداد الجديد بمن انضموا إليه من (عرب وأجانب )يعتبر خصماً شرساً لحلول متوازنة تريدها مصر لتضمن وحدة الدولة السورية .ورغم انقطاع الخط البرى القاهرة /دمشق منذ عام 1948بعد غرس الكيان الإسرائيلى فى المنطقة العربية ,إلا أن سوريا الموحّدة لها أولوية على رأس قائمة ثوابت الأمن القومى المصرى، على عكس القوى الإقليمية المنخرطة فى الصراع السورى الآن. ففى حين شكلت تركيا منطقة عازلة فى شمال سوريا ولا تخفى مطامعها التاريخية فى حلب، فإن السعودية لا تمانع فى إعادة رسم خرائط المشرق العربى نكاية فى طهران التى تسعى للحفاظ على طريقها البرى عبر بغداد دمشق بيروت للوصول إلى البحر المتوسط . فى أكتوبر الماضى وفى حواره مع صحيفة سعودية قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: مصر مع بقاء الدولة السورية القوية ومع تغليب إرادة الشعب السورى. ورداً على سؤال آخر هل أنتم مع بقاء الرئيس الأسد على رأس السلطة؟ قال: مثل هذا السؤال يوجه إلى الشعب السورى ، وإذا أراد الشعب التغيير فالأفضل أن يتحقق عبر الحل السياسى المتوازن, بتوصل المعارضة السورية إلى تفاهمات مع النظام تؤدى إلى هذا التغيير، وهو ما تم التأكيد عليه مرة أخرى فى زيارته الأخيرة لموسكو .
وبعدين من هنا بدأ التنسيق المصرى الروسى والذى يضمن المساندة المتبادلة بغطاء عربى تمثله القاهرة ونفوذ دولى بيد موسكو, بحيث تستعيد القاهرة ذاكرة التأثير فى توازنات المنطقة . بينما تستعيد روسيا دور اللاعب القوى فى الشرق الأوسط , مع احتفاظ كل منهما بهامش مناورة فى القضايا الإقليمية لا يتناقض مع علاقة كل منهما المتميزة مع السعودية أو إيران .