& أحمد الفراج

&ربما يمثل المقال الأخير للكاتب الأمريكي الشهير، توماس فريدمان، والذي نشر في تاريخ الثاني من سبتمبر، في جريدة النيويورك تايمز الأمريكية، علامة فارقة لمن يتابع تطور العلاقات السعودية الأمريكية، ليس لأنه كاتب مرموق عالمياً وحسب، بل لأنه قريب من دوائر صنع القرار الأمريكي، خصوصاً ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهنا نحن أمام أمرين، فإما أن نهاجم فريدمان، ونحاول أن ندحض ما كتب، ونتهمه بأنه لا يكن وداً للمملكة، وهذا أمر يسير، وإما أن نكون واقعيين، ونحاول أن نتمعن جيداً فيما كتب، ولماذا كتبه، ونحاول أن ندرس جوانب القصور والضعف في تواصلنا مع الآخر، وتحديداً عدم فعالية «اللوبي السعودي» في الولايات المتحدة، هذا إذا كان عندنا لوبي من الأصل، فعلاقة المملكة بالولايات المتحدة ليست علاقة عابرة، حتى وإن اعتراها بعض الفتور، إذ هي علاقة تاريخية وإستراتيجية، ومثلما أن الولايات المتحدة تحتاج المملكة، لما تمثله من ثقل سياسي، واقتصادي، وديني، إقليمياً ودولياً، فإن المملكة تحتاج أمريكا، فهي الدولة الأقوى، وصاحبة الكلمة العليا عالمياً، ومخطئ من يعتقد أن بإمكان أي دولة مناصبة أمريكا العداء، فالتاريخ يخبرنا أن من يفعل ذلك يلقى نصباً، أما من يعتقد أن بإمكان توسيع العلاقة مع دول ديكتاتورية، مثل روسيا والصين، أن يسد فراغ العلاقة مع الولايات المتحدة فعليه أن يراجع حساباته جيداً، فأمريكا كانت وستظل الرقم الأصعب في ميزان القوة العالمية.

توماس فريدمان كاتب كبير بلا شك، وهو مغرور حد الوقاحة، سواء فيما يكتب، أو على المستوى الشخصي، وربما أنه لا يكن وداً للمملكة، إذ لا زلنا نذكر كيف تعامل مع الجميع، عندما تمت استضافته هنا، بعد أحداث سبتمبر في عام 2001، وهذه ليست المرة الأولى التي يكتب فيها عن المملكة، فقبل عدة أشهر، كتب ما يشبه التقرير عن لقائه مع الرئيس أوباما، وحينها ذكر أن الرئيس أخبره أن الخطر على المملكة ليس من إيران، بل من الداخل السعودي!!، وربما كان هذا عبارة عن تسريب مقصود من إدارة أوباما، بغرض الضغط على المملكة، ومحاولة حلحلة موقفها من الإتفاق النووي، فأوباما لا يزال يصر على أن السلام هو الحل الأمثل في التعامل مع إيران، ولكن يجب أن نتوقف عند اختيار أوباما لفريدمان لإيصال هذه الرسالة، وبالتالي علينا أن نقرأ ما يكتبه فريدمان عن المملكة بتمعن، لا كرأي لكاتب، بل كرسالة سياسية، يراد لها أن تصل عن طريق الإعلام، لا عن طريق الدبلوماسية الناعمة، ومن هذا المنظور، سنتطرق لمقاله التصعيدي الأخير عن المملكة في مقال مستقل.