&محمد الرويحل
&
بمجرد أن تستعيد ذاكرتك وتعود إلى التاريخ ستجد أن أغلب العرب يتلذذون ويفتخرون بقتل بعضهم بعضاً، بل يعلمون أبناءهم فنون القتال والسلب والنهب، ويعتبرون هذا الفعل شجاعة وتميزاً وفخراً لمن يقوم به، وحين استقرت الأمور لتحكمهم القوانين والنظم قامت حكوماتهم لتعيد إليهم تاريخ آبائهم وأجدادهم وتعلمهم عبر المدارس والجامعات تاريخاً مليئاً بالدموية والعنف وتذكرهم، بشخصيات سطر لها التاريخ المجد والفخر في القتال، بدلاً من أن تعلمهم حقوقهم وواجباتهم وتوفر لهم سبل الإبداع والابتكار.


بمجرد العودة إلى التاريخ الذي نتفاخر به نجده اليوم في قتال بعضنا بعضاً، فالعراقي يقتل العراقي، والسوري يقتل السوري، والمصري يقتل المصري، والخليجي يفجِّر نفسه في الخليجيين، وهكذا نخدم أعداءنا دون وعي وعقل، بل وبلا إنسانية، نمثل ونتفنن في قتل بعضنا بعضاً وندمر أوطاننا ونسيء إلى سمعتنا، الأمر الذي جعل العالم كله لا يتعاطف معنا ولا يكترث بما يحدث لنا، فمن المنطق ألا يتدخلوا وهم يَرَوْن أبشع الجرائم ينفذها بعضنا ضد بعض. حين نرى القتال الدائر بيننا، علينا ألا نستغرب لأنه تراثنا وتاريخنا، الأمر الذي جعلنا إرهابيين "وبامتياز" بسبب تخلفنا، لاسيما أن معظم شعوب العالم كانت سابقاً تفعل ما نفعله، ولكنها عدلت عن ذلك وتداركت أخطاءها لتصنع حكوماتها وشعوبها حضارات إنسانية، فنسيت الماضي وتعلقت بالمستقبل، لتخطط وتصنع من أجيالها أناساً مبدعين في كل المجالات، بعكس ما نحن عليه من حكومات وشعوب، إذ تعلقنا بماضينا الدموي وصنعنا الإرهاب والقتل والفرقة للمستقبل، لذلك انطبقت المقولة "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".