مشاري الذايدي

الإصلاح الديني حديث شائك، يتطلب شجاعة جمعية فائقة لمحاسبة الذات، ومغادرة الكثير مما ألفناه.


من أجل ذلك، فإنني دومًا أقترح حلاً سريعًا، يتعلق بمنع التواصل بين أعضاء الإرهاب، وجنودهم، هو حل ليس لإزالة فكر التطرف، فهذا مبحث آخر، ومسعى تنوء به العصبة من أولي القوة من الدول.
كل الدلائل المتواترة، تكرس القول بأن وسيلة التواصل والتجنيد والتوجيه الأولى لقتلة «داعش»، هي مواقع الـ«سوشيال ميديا» على الإنترنت، «تويتر»، وغير «تويتر».


سعد راضي العنزي، وشقيقه المصور عبد العزيز، بمحافظة الشملي، شمال السعودية، ارتكبا مؤخرًا جريمة هزّت السعوديين بالغدر بابن عمهم، الجندي المسجل في الجيش، عبر إيهامه بأنهم في نزهة برية، ثم إعدامه علنًا، وتقديم هذه الهدية لخليفة «داعش».
عبد العزيز المصور، له حساب في «تويتر»

، وبعد تنفيذ الجريمة، غرّد مطالبًا أحد نشطاء الإرهاب بسرعة تحميل الفيديو قبل حذفه.


والد القتلة (راضي) قال في مقابلة مع العربية: «لم ألحظ عليه أي تصرفات تدل على موضوع مريب، سوى أنه يجلس طوال وقته أمام شاشة الكومبيوتر، وكنت أشك أنه قد يشاهد مقاطع مخلة ونصحته».
مهند العتيبي، أحد الـ«دواعش» المقبوض عليهم بعد قتل سعد وعبد العزيز لابن عمهم، في سلسلة مداهمات للأمن السعودي في الرياض والدمام، جاء في وصفه أنه ناشط فعال في «تويتر».
مع كل قبض على، أو قتل للدواعش، غالبهم شبان صغار، تكون مواقع التواصل الاجتماعي هي حلقة الوصل.


الأمر واضح، ومن يغالط فيه فهذه مشكلته، يجب فورًا، معالجة هذه المعضلة التي توفر للقتلة والمحرضين شرايين تنقل دم الشر بينهم، فلا حياة للجسم دون وجود شرايين.


هذه ليست مشكلة السعودية أو العرب فقط، بل مشكلة عالمية، فقد كشفت تقارير غربية، نشرتها «الشرق الأوسط» سابقًا، أنه يوجد في صفوف تنظيم داعش، مهندسون معلوماتيون متمرسون أعدوا قواعد للعمل. وأوردت نشرة «دار الإسلام» الفرنسية الصادرة عن التنظيم المتطرف «قواعد لأمن المسلم في أرض العدو».


في مطلع سبتمبر (أيلول)، طالب المدعي العام بباريس فرنسوا مولان علنًا، بالوصول للبيانات الشخصية التابعة للجماعات المتطرفة والإرهابية، بعد مقال نشره في أواسط أغسطس (آب) بصحيفة «نيويورك تايمز» مع نظيرين له أميركي وإسباني. وكتب مولان: «العدالة تصبح عمياء» عندما يتعلق الأمر بفك رموز الهواتف النقالة الذكية.


مرة أخرى، هذا ليس حديثًا عن معالجة فكر التطرف، بل عن حصر الحريق بحدوده الحالية، بغلق صنابير البنزين عن نار التطرف، الصنابير هي الـ«سوشيال ميديا»، والنار هي فكر وعقل التطرف.
أمر واضح.