&تركي الدخيل

في وقت متأخر ليل أول من أمس، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عن قطع العلاقات الديبلوماسية بين بلاده وطهران، بالنظر إلى سماح السلطات الإيرانية بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، رغم تكرار الديبلوماسيين السعوديين طلب تأمينهم من قبل السلطات الأمنية، دون جدوى!

لكن السؤال: لم تحتاج السعودية لقنصلية في مشهد؟!

في العام ٢٠٠٤، افتتحت القنصلية، في مشهد، عاصمة إقليم خراسان، لسبب واحد، أن ثمة نحو ١٠٠ الف زائر سعودي لهذه المدينة في العام!

هؤلاء الزوار، من المواطنين السعوديين، يحتاجون لخدمات قنصلية، دون النظر إلى مذاهبهم، وليس من الأسرار أن نقول أن زوار مشهد من السعوديين الشيعة.

لو قررت الرياض أن تقتصر خدماتها لمواطنيها من السنة فقط، لما اضطرت لافتتاح قنصلية عامة منذ ١٢ عاما!

العلاقة الشعبية بين مكونات المجتمع السعودي وبقية مجتمعات العالم الإسلامي قائمة وصحية، والمجتمع الإيراني المظلوم له رأيه ضد النظام الإيراني منذ الثورة الخضراء في 2009 حين هبت الجموع معترضة على التزوير الذي تعرضت له الانتخابات.

القصة ليست ضد مذهب أو اتجاه أو رأيٍ ديني، بل في الاستخدام الإيراني الأصولي لأمن الدول المجاورة القومي لاستغلاله سياسيا، لاعبة على وتر الطائفية والمذهبية الخاسر.

السعودية التي تسير رحلات يومية عديدة من المنطقة الشرقية إلى مشهد آمنت بحق المواطنين بممارسة شعائرهم واحترام مذاهبهم بوصفهم جزءا من كينونة المجتمع وكيانه، غير أن الإعلام الإيراني المعادي ومن يدور في فلكه يصوّر القصة على أنها مذهبية، أو أن قطع العلاقات مع إيران هي قطيعة مع مذهب، وهذا بهتان عظيم.

هذه فرية ينكرها التاريخ، ولنعد إلى مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز حين قال: «لسنا عنصريين ولا من دعاة التفريق والتمييز بين الناس، بسبب أنسابهم وعقائدهم»، وكرر التأكيد عليه في موضع آخر بقوله: «لا يسأل أحد عن مذهبه أو عقيدته. ولكن لا يصح أن يتظاهر أحد بما يخالف إجماع المسلمين، أن يثير الفتنة».

وفي حديث له مع أمين الريحاني قالها بوضوح: «هذا الأحساء، عندنا هناك أكثر من ثلاثين ألفا من أهل الشيعة، وهم يعيشون آمنين لا يتعرض لهم أحد. إلا أنا نسألهم ألا يكثروا من المظاهرات في احتفالاتهم». الفرق كبير بين حقوق المواطنين أيا كانت مذاهبهم، وبين العمل الحركي المسلح والأصولية العدوانية. سنية كانت أم شيعية، أو غير ذلك!