أيمـن الـحـمـاد

&

&&& بعد أن أنهت قطيعتها مع الغرب أو هكذا تعتقد، تتجه إيران لقطيعة مع العالم الإسلامي وهذا الأمر في واقعه أشد ضرراً من قطيعتها مع الدول الغربية، إذ في الحقيقة لا يمكن لأي دولة أن يكون لها تأثير دولي، إن هي فقدت تأثيرها في إطارها الإقليمي، ونحن نتحدث عن تأثير إيجابي لا تملك إيران مسوغاته.

&

ويبدو أن طهران التي تجرأت على سفارة دولة مهيبة تحظى باحترام وتقدير دوليين، وضعت نفسها في موقف حرج لم يكن ينقصها، بل جعلت كل دولة في واقع الأمر تراجع علاقاتها مع جمهورية إيران التي لم ترع حق بلد قريب، له رمزية عربية وإسلامية في نفوس كل المسلمين في العالم.

&

إن تأثير قطع العلاقات مع إيران سيتعدى في تأثيره طرد السفير الإيراني أو مغادرة البعثة السعودية، لتلحقه تبعات سياسية واقتصادية وثقافية وحتى رياضية، فدول المنطقة بدأت في اتخاذ خطوات مماثلة لخطوة المملكة، وإن دولاً أخرى في صدد مراجعة تمثيلها الدبلوماسي في طهران خشية أن تطال بعثاتها الدبلوماسية ما طال سفارتنا وقنصليتنا في إيران، إذ لا يمكن الوثوق في دولة تدار فيها الفوضى بشكل مؤسسي.

&

المتتبع لتاريخ نبذ إيران سيجد أن لديها سجلاً حافلاً بهذه المواقف في المغرب ونيجيريا والسنغال ودول أخرى طردت سفراء طهران بسبب انتهاج الأخيرة منطقاً غريباً بالتدخل في شؤون الدول الأخرى، ولا يمكن أن تستفيد إيران في علاقاتها مع أوروبا أو الولايات المتحدة إن هي فقدت علاقات متينة مع دول العالم الإسلامي.

&

إن كلفة التعدي على سفارة المملكة في طهران عالية جداً، وإن على إيران تحمل تبعات تلك الفوضى التي قادتها اليوم إلى موقف لا تحسد عليه، وإن إدانتها على جميع المستويات دولاً ومنظمات لا يمكن إغفاله، وإن تعويلها على منظومة المليشيات التي تديرها رهان خاسر ستتأذى به قبل أن تؤذي به أي دولة أخرى، وإن ما آلت إليه تلك السياسات في العراق ولبنان وسوريا واليمن واضح للعيان، إذ إن محاولة فرض أمر واقع خارج نطاق التعاطي السياسي في أي دولة ساقط لا محالة ومدان اقليمياً ودولياً ويستنزفها مادياً وبشرياً، وإن طهران مسؤولة بشكل كامل عن سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول ولم تسهم يوماً في سبيل نمائها أو إعمارها ففاقد الشيء لا يعطيه، والحال الإيرانية الداخلية شاهد واضح على فشل النظام الإيراني.

&

المجتمع الدولي اليوم مسؤول ومطالب باتخاذ موقف واضح وحازم تجاه دولة تقود أعمالاً إرهابية على مرأى وباعتراف واضح لا يقبل التشكيك من الدول الكبرى، وإن التغاضي أو التهاون تجاه تلك التصرفات التي لا يمكن أن تراها إلا في إيران يجعلها بشكل أو بآخر تتمادى في هذه الأفعال.

&

لقد عولّت إيران كثيراً على حِلم المملكة وسعة صدرها وتحملها، لكنها تناست أن طهران بلغت حداً يجب أن تعرف فيه مكانها الحقيقي وحجمها الطبيعي.