عبده خال

لم يعد اليوم كالأمس، فحركة الزمن والحياة لا تقفان عند مفاهيم ماضوية سواء كانت كمفاهيم أو عادات.

وحينما هبت عاصفة مواجهة القول بأن المرأة عورة، لم تكن عاصفة رفض فقط، وإنما هي عاصفة وعي ومقدرة على تصويب من يريد أن يغافل الناس بحجة أنه يقول الحق، كما كان حادثا في زمنية سابقة، فمع ثورة الاتصالات واتساع مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد أحد من الناس قادرا على تعميم أو إلزام الآخرين بما يقول.

ومجابهة ذلك الرجل الذي قال إن المرأة عورة لم تسعفه حجته بأن أهل الجنوب يقولون عن المرأة عورة؛ لأن حجته أراد منها تبديل المعنى الرفيع عند أهل الجنوب بما يقال عن المرأة.

وللأسف الشديد تم خلق تراكمات من المفاهيم المغلوطة عن المرأة حتى غدت هي من أسس المفاهيم لدينا عند تعاملنا مع المرأة، وللأسف الشديد أيضا أن السنوات الأخيرة تم فيها تغذية المجتمع بمفاهيم تحقر المرأة واعتبارها ناقصة عقل ودين استغلالا للحديث على غير وجهته، وحدث ذلك في ظل عدم مراجعة لكل ما يقال عن المرأة في محيطنا الاجتماعي.

بدأ التحقير من خلال تغييب اسمها سواء كانت أما أو زوجة أو بنتا حتى إذا جاء ذكرها استفتح المتحدث حديثه بقوله : (وأنت بالكرامة) وهي جملة تدلل على ثقافة المتحدث حين يقرن ذكر المرأة بكل ما هو خادش لكرامة الإنسان.

هذه المفاهيم المغلوطة غدت هي الأساس في التعامل ليس مع المرأة فحسب، بل هناك عشرات المفاهيم يتم ضخها في المجتمع ليس لها موقع إعرابي في الدين؛ لذلك ابتعدنا عن تعاليم الدين الواضحة والصريحة .

فهذا القائل بأن المرأة عار ماذا يقول إزاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم (............نَعَمْ إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)

ومعنى شقائق أي نظائر وأمثال للرجال، فهل الرجل عار على بيته ومجتمعه؟

وإذا كانت ثقافتنا حفلت بما يمثل أي نقيصة للمرأة فقد حان الوقت لاستعادة كرامة المرأة من براثن المؤدلجين ومزاعمهم، فالله خلقنا في تكاملية لعمارة الأرض، ولم يخلق إنسانا كاملا وإنسانا ناقصا ..هذا هو شرع الله والعار أن يوجد أناس إلى الآن يقسمون المجتمع نصفه (أكرمك الله).

فعار علينا إن سكتنا عما يقال من قبل أناس ليس لديهم وعي بصحيح الدين وما تستقيم به الحياة.