أحمد الغز& & &

في معركة حلب توجد قوى النزاع المحلية والإقليمية والدولية، وهذه المعركة إما أن تكون بداية انفجار كبير أو بداية تسويات كبرى

لا شك أن هول المجازر التي تقع في مدينة حلب السورية تتقدم بمآسيها على كل الأحداث المأساوية في كل من اليمن وليبيا والعراق، وبعيدا عن لغة الاستنكار والغضب التي تسيطر على مشاعرنا ووجداننا، لا بد لنا هنا من طرح الأسئلة الضرورية حول ما يجري في حلب الآن.

والسؤال الأول: لماذا كانت الهدنة في سورية في بداية سبتمبر ولـ7 أيام بعد الإعلان عن التفاهم الأميركي – الروسي حول سورية؟

الجواب، هو أن اتفاق كيري – لافروف كان خدعة سياسية لتخفيف الضغوطات المتوقعة في الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الدورة الأخيرة التي حضرها الرئيس باراك أوباما، وألقى في جلستها الافتتاحية خطابا مطولا مبرّرا فيه سياساته الانكفائية، ومدافعا عن اتفاقاته مع إيران وروسيا.

هنا يأتي السؤال الثاني: لماذا غاب بوتين عن حضور الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة؟

الجواب كان واضحا، خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن الذي حضره وزراء خارجية الدول الأعضاء والرئيس المصري أيضا، وكانت الكلمات في معظمها تدين التدخل الروسي في سورية، وتغطيته للمجازر التي يرتكبها النظام السوري وحليفته إيران برعاية روسية.

وهنا يأتي السؤال الثالث: لماذا رفض البنتاجون اتفاق كيري – لافروف؟ الجواب كان واضحا، وهو أن كيري عقد اتفاقا على حساب حلف الناتو والجيش الأميركي الذي رفض أن يصبح تابعا للقوات الروسية في المنطقة.

أما السؤال الرابع فهو: ماذا تضمّن الاتفاق الروسي- التركي في الموضوع السوري، والذي جاء نتيجته دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية؟ وأيضا لماذا صعّدت إيران والنظام السوري الحملة العسكرية على حلب التي تزامنت مع تصريحات لمسؤولين إيرانيين بالغة الخطورة، وتستهدف الدول العربية الحاضنة للشعب السوري؟

الجواب، هو أن إيران تريد الاستفادة مما تبقى من عهد الرئيس أوباما، وحرصه على صيانة الاتفاق الأميركي- الإيراني، وخلق واقع جديد في كل من سورية والعراق، يقوم على أرجحيّتها السياسية والعسكرية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما يساعدها على التفاوض من موقع القوة مع الرئاسة القادمة.

وهناك أسئلة كثيرة أخرى، لا بد من الإجابة عنها، في مقدمتها دعوة فرنسا إلى عقد جلسة لمجلس الأمن، واستصدار قرار لوقف إطلاق النار في سورية، واتهام من يعطّل هذا القرار، أي روسيا، بجرائم الحرب.

هذا، إضافة إلى معنى الموقف اللافت للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وتوصيفه لما يجري في سورية -وللمرة الأولى- بأنه مشروع إبادة.

وهناك أيضا موقف حلف الناتو الذي يعتبر التطورات في حلب تهديدا للاستقرار العالمي، وضرورة التدخل لردعها.

كلها أسئلة تجعل من أكتوبر الحالي، أي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في 8 نوفمبر القادم، شهرا مليئا بالتطورات والمفاجآت السياسية والعسكرية.

وهنا، جاء الموقف الروسي السريع بإيفاد مندوبين عسكريين إلى جنيف، والعودة إلى التفاوض.

وقد تزامن ذلك أيضا مع الحديث عن تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، إضافة إلى عودة الحديث عن وقف شامل لإطلاق النار في اليمن، وأيضا بدء التحضيرات لعملية اقتحام الموصل في العراق، وإرسال مزيد من الجنود الأميركيين إلى هناك.

أردنا من هذا العرض البانورامي المتواضع، الإشارةَ إلى أن ما يدور في حلب يختصر كل النزاعات في المنطقة، وذلك لوجود كل أطراف النزاع المحلية والإقليمية والدولية في معركة حلب، والتي قد تكون إمّا بداية انفجار كبير أو بداية تسويات كبرى، ممّا يجعل من مدينة حلب ساحة لحرب عالمية كبرى، تحدّد نتائجُها نهاية سياسات أوباما الانكفائية، ومستقبل الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط.

&