&غسان حجار&

يحق للعماد ميشال عون ان يكون رئيساً للجمهورية لكونه مارونياً أولاً، ولكونه الاكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي خصوصاً بعد اتفاقه مع "القوات اللبنانية" الحزب المسيحي الثاني بعد "التيار الوطني الحر" قوة وتمثيلاً. والاعتراض المسيحي عليه من افرقاء آخرين لا يعدو كونه ديكوراً سيما وان الفريق الثالث الاكثر تمثيلاً، اي حزب الكتائب، خرج من الحكومة ولم يجد من يفتح له خطاً هاتفياً يقف على خاطره. اما الآخرون "المستقلون" فلا وزن ولا تمثيل حقيقياً يسمح لهم بالتعطيل، وإن كان حقهم بالاعتراض محفوظاً.

لكن الرئاسة لم تكن يوماً شأناً مسيحياً خالصاً، بل هي ثمرة تفاهمات تتجاوز حدود الوطن الصغير، وقد دخلت على خطها مراراً دول مثل اميركا وروسيا والسعودية ومصر وسوريا وغيرها ممن كان لها احيانا اليد الطولى في اختيار الرئيس.

امام هذا الواقع، وخصوصاً في اجواء التفاؤل التي سادت في الايام الاخيرة بعد بدء الرئيس سعد الحريري حركته في اتجاه افرقاء الداخل، لانتخاب رئيس ربما يكون العماد ميشال عون، واندفاع كثيرين في هذا التوجه، وربط كل الامور به، لا بد من وقفة تعقّل تطرح ما هو غير سائد في الاوساط. والسؤال بل الاسئلة: "ماذا لو فشل مسعى انتخاب عون؟ وماذا لو بُترت مبادرة الحريري لألف سبب وسبب منها الداخلي والخارجي؟ وماذا لو لم يكن "حزب الله" يريد عون فعلاً؟ وماذا لو طرأت عوامل لم تكن في الحسبان؟".

فالاجواء الايجابية غير مبنية على معطيات جامدة. الرئيس سعد الحريري ربما يمضي في هذا الخيار اذا وافقه عليه شركاء واصدقاء وحلفاء في الداخل، واذا تمكن من توفير الغطاء الخارجي لهذا الخيار، لذا يرجح ان يقوم بزيارات ربما تشمل موسكو وباريس والرياض وانقرة وغيرها. اما الصمت السعودي حيال المبادرات فهو امر محير اكثر منه عامل اطمئنان، لان الرياض، وإن لم تسعَ الى فرض خياراتها، فانها تبقى البوابة العربية لكل رئيس لبناني، واذا سدت نوافذها فان الرئيس، اي رئيس، سيجد نفسه محرجاً ومحاصراً، ومعه البلد كله.

اما الرئيس نبيه بري، المعترض بقوة على عون، مهما اصدر من بيانات توضيح، فانه يبقى احد اهم الممسكين بخيوط اللعبة، وهو الى النائب وليد جنبلاط، ومعهما النائب سليمان فرنجية، يمكن ان يشكلوا حلفاً معطلاً، وان كان الظهور في تحالف ضد المسيحيين وسعد الحريري لا يناسبهم اطلاقاً.

والاكثر ارباكاً من موقف بري، هو الصمت المريب لـ"حزب الله" الذي قالت مصادره انه لن يتحرك تجاه حلفائه قبل ان يعلن الحريري ترشيح عون رسمياَ، وانه لن يذهب الى خيار من دون بري، مما يعني تأخير الاستحقاق الى موعد غير محدد، طالما ان الكل ينتظر الكل.

في الواقع الراهن، لا احد يدعم وصول عون الى بعبدا بالفعل.