رائد جبر 

يُجمع خبراء على أن فشل اجتماع لوزان يمهّد لمزيد من التدهور في سورية. وعلى رغم أن لقاءات دولية ستليه، فإن انفضاض «اجتماع الفرصة الأخيرة» كما وصفته وكالات روسية وغربية، من دون تحقيق تقدُّم، يضع في رأي خبراء مقرّبين من الخارجية الروسية، مسار الأحداث على طريق التصعيد، لأن «واشنطن ستكون غائبة وأوروبا مستاءة، وروسيا تشعر بأنها مستهدفة وليس لديها خيارات سوى مواصلة الحرب على الإرهاب».

كلمات «الخبراء» تكرّرت جزئياً في أول تعليق للخارجية الروسية بعد اجتماع لوزان، وهو ركّز على أن «الحرب على الإرهاب ستستمر، ولا بد من فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين والتنسيق مع القوات السورية».

العبارات ذاتها قيلت قبل اللقاء، وقبل اجتماعات مماثلة لم تُسفر عن نتائج. وتوقُّعات الفشل في تقريب المواقف كانت أكثر بكثير من احتمالات الخروج بتوافق ولو محدود، ما دفع بعضهم إلى طرح أسئلة عن الأسباب التي أدت إلى ترتيب لقاء عاجل، تغيب عنه أوروبا، وينتهي بهذه الطريقة.

ردود الفعل الأولى لدى سياسيين وخبراء روس، تشير إلى أن الآتي أسوأ، ليس فقط في سورية! ولاحظ أحد أبرز باحثي نادي «فالداي» للحوار، أن «الرهانات كانت تنصبّ على أن سورية قد تشكّل نموذجاً لتسوية المشكلات الإقليمية والدولية بتوافق بين موسكو وواشنطن، وخلفهما القوى الإقليمية والدولية، لكن الفشل (في سورية) يعني الانتقال إلى حال من الفوضى وعدم القدرة على التكهّن في مناطق عدة».

بهذا المعنى تقريباً، جاء تعليق مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فيتالي تشوركين، الذي وضع المواجهة المتفاقمة بين القوتين الكبريين في سياق أوسع من سورية، عندما لفت إلى أن العلاقات بينهما باتت «الأسوأ منذ العام 1973». وشدّد على أن «محاولات حلف الأطلسي بناء نظام أمني جديد على حساب روسيا قادت إلى هذا التدهور، خصوصاً الاستفزاز الأكبر في العام 2008 عندما أعلن الحلف خططاً لضم أوكرانيا وجورجيا» إلى عضويته».

قد تكون هذه أوضح عبارات تضع المواجهة الأميركية - الروسية الآن في سياقها الواسع، ولا تحصرها في سورية و «فشل الفصل بين جبهة النصرة وغيرها من القوى». ويرى خبراء أن هذا يفسّر لماذا اندلعت الحرب في جورجيا صيف 2008 ثم الأزمة الأوكرانية في 2014، ولماذا هذا التشبُّث الروسي بنظام الرئيس بشار الأسد، وصولاً إلى تحويل سورية الى أضخم منطقة للتواجد العسكري الروسي في التاريخ.

ورغم تأكيد الرئيس فلاديمير بوتين أمس أن روسيا لا تسعى إلى مواجهة مع أميركا، يحذّر رئيس مجلس السياسة والدفاع القريب من الكرملين فيودور لوكيانوف من أنه على خلفية الطيف الأوسع في التاريخ المعاصر، من قضايا الخلافات التي تدفع إلى تصعيد المواجهة، «يبدو صعباً وقف قطار التدهور».

ويضيف أن «الحرب الباردة خطرة جداً في مراحلها الأولى، بسبب صعوبة تحديد الخطوط الحمر التي يمكن ان تقود العالم إلى سيناريوات غير محمودة، في حال تجاوزها طرف، ولو بخطأ في الحسابات.

وشدّد بوتين أمس على أن العلاقات الروسية - الأميركية لم تتدهور بسبب سورية بل نتيجة لمحاولات الولايات المتحدة فرض هيمنتها على العالم. وزاد ان الطرفين ساءت علاقاتهما منذ الحرب على يوغوسلافيا، مستدركاً: «لم أكن الرئيس آنذاك». وتساءل «ماذا فعلت (اميركا) بالعالم، هل انتصرت في العراق أو ليبيا»؟ ورأى ان البلدين تحولا مركزين لتفريخ الإرهابيين.