نبوءة «دابق» على خطى أخواتها المهدي المنتظر والسفياني!

الرياض - مصطفى الأنصاري&

تهاوت القشة الرمزية التي تمسك بها «داعش» طويلاً، بعد أن سيطرت القوات التركية والجيش الحر أخيراً على قرية «دابق» السورية، إلا أن المتعجلين في تأويل النصوص الاسلامية، لا يرجح أنهم سيتعلمون من التجربة، إذا ما قيس على نهجهم السابق.

ويوثق المتابعون أن أولئك المتأولين يجنحون دائماً إلى ثالوث «الكرامات والمنامات والتأويل»، للتجنيد والبحث عن الشرعية، منذ المهدي المنتظر إلى السفياني وفتح بيت المقدس، وأخيراً «جيش دابق».

يعود احتفاء «داعش» بالقرية السورية (دابق)، إلى ذكرها في حديث نبوي يشير إلى أن معركةً كبرى ستقع بين جيوش إسلامية ورومية في الموقع نفسه، إلا أن الذين شرحوا «النص» يجمعون على أن أحداً لا يمكنه الجزم بالتاريخ الذي تقع فيه تلك المعركة، إذ يتوقع الكثيرون أنها «هرمجيدون» نفسها، التي تناولتها كتب سماوية عدة، وهي محل إيمان التراثيين من الأديان السماوية كافة.

غير أن «داعش»، بالغ في الاحتفاء، بالموقع بعد سيطرته عليه، لدرجة أنه أطلق اسم القرية على مجلته «دابق»، تيمناً بالاسم، أو محاولة لتوظيفه أكثر، لوقعه في تجنيد الأتباع، والترويج لرسالته، ليعزز في الأذهان أنه منتصر لا محالة، وأصبح قدراً نهائياً!

لكن التنظيم الإرهابي على رغم ابتكاراته في ميدان التطرف الديني، لم يكن الوحيد، الذي تبنى نصوصاً أو أحياها، فهنالك المجاهدون الأفغان الذين برعوا في توظيف الكرامات في التجنيد، وكذلك حركة جهيمان التي غزت الحرم المكي قبل نحو 30 عاماً، بدافع من رؤيا في المنام، كما أن صدام حسين هو الآخر حاول توظيف حديث نبوي آخر يتحدث عن «السفياني» الذي أوّله بشخصه، يوم غزا الكويت 1990.

وفي الميدان الغيبي أيضاً، تنبأ كثيرون بأنهم «المهدي المنتظر» خصوصاً من الطائفة الشيعية، التي تعُلق على «الإمام الغائب» كما يسمونه آمالاً كبيرة في إصلاح شؤونهم، إلا أنهم لا يقلون في هذه الجزئية عن نظرائهم السنة، الذين يرى اكثريتهم الايمان بالمهدي واجباً، وأنه حين يعود سيملأ الارض عدلاً، وعلى إثر تلك النبوءة ادعى المئات منذ الرسالة المحمدية أنهم «المهدي المنتظر»، إلا أنهم جميعاً تهاوت ظنونهم.

الاختصاصي في تصحيح الشبه التي يسند إليها بعض المتأولين والمتطرفين تصرفاتهم الدكتور ماجد المرسال، أكد أن «الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والرؤى والمنامات»، مصادر غير معتبرة في تقرير المسائل الدينية. ولفت المرسال، إلى أن بعض الأحاديث والمقولات، على رغم صحتها، إلا تنزيلها على أحداث بعينها، يخالف المنهج السوي في «التعامل مع الفتن».&

مشيراً إلى أن ذلك لا يعني عدم الإيمان بالأخبار الصحيحة المروية عن النبي عليه الصلاة والسلام، «فكل ما أخبر به سيقع بل هو واقع بلا شك، إلا أن التسرع والعجلة في تنزيل أحاديث الفتن على بعض الوقائع، له آثار سلبية ومفاسد كبيرة». وكان من بين تلك الآثار بحسب قوله «التشكيك في صدق النصوص الشرعية، وإتاحة الفرصة للمتربصين والمرضى النفسيين بتقمص بعض الشخصيات المذكورة في تلك النصوص، مثل المهدي المنتظر وغيره، إضافة إلى اضعاف أثر تلك النصوص في نفوس الناس لكثرة ابتذالها.
&