إقبال إلهامي 

تجاهل رئيس الوزراء المغربي المكلّف عبد الإله بن كيران دعوةً إلى المصالحة أطلقها خصمه إلياس العماري زعيم «حزب الأصالة والمعاصرة» الليبيرالي المعارض.

ولم يصدر عن «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي بزعامة بن كيران أمس، أي رد فعل على الدعوة التي أتت في مقالَين للعماري نشرتهما الصحافة المحلية، وطالب فيهما بتحقيق «مصالحة شجاعة من أجل الإنقاذ».

إلا أن عضو الأمانة العامة للحزب الإسلامي محمد يتيم سخر من العماري، مستغرباً دعوته الى المصالحة «بعدما ظللتم تعتبروننا من الخوارج المتآمرين على المغرب المنخرطين في مخططات التنظيم الإرهابي للإخوان المسلمين».

وحمّل يتيم حزب العماري «مسؤولية كبرى عن إفساد الحياة السياسية والبرلمانية والاجتماعية»، مشيراً إلى «ممارسته تهديدات لتغيير التحالفات بعد الانتخابات الأخيرة».

ودعا يتيم حزب «الأصالة والمعاصرة» إلى الابتعاد عن «أدوات التنفس والتغذية الاصطناعيين»، في إشارة إلى اتهامات بتلقيه دعماً من القصر الملكي.

وكان «الأصالة والمعاصرة» رفع خلال الانتخابات الأخيرة شعار «التغيير الآن» لمواجهة «العدالة والتنمية»، محذراً من أن قيادة الأخير لحكومة جديدة ستقود البلاد إلى «كارثة».

واستثنى بن كيران «الأصالة والمعاصرة» من مشاوراته لتشكيل الحكومة، على رغم عقده لقاءات شملت أحزاباً معارضة، مؤكداً أن التحالف مع ذلك الحزب «خط أحمر».

غير أن العماري كتب في مقاليه الأخيرين: «أيادينا ممدودة للجميع لنتخلص من خصوماتنا الجوفاء وأحقادنا العمياء ونتقدم معاً نحو الاعتراف المتبادل بعضنا ببعض»، معتبراً ذلك السبيلَ «لتجاوز شجاع للانتكاسات والخصومات الناتجة عن طغيان ثقل الماضي». وذكّر بالتناوب الذي حمل الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي إلى السلطة في العام 1998.

واستغربت أوساط سياسية دعوة المصالحة تلك، خصوصاً أن زعيم «الأصالة والمعاصرة» ذهب إلى حد الحديث عن «تغلغل» في المغرب لـ «تيارات إسلامية شبيهة بالإخوان المسلمين في مصر».

ووصل التراشق الكلامي إلى حدّ غير مسبوق بين الحزبين الغريمين قبل صدور نتائج الانتخابات وبعدها، إذ تحدث قادة في الحزب المعارض عن انخراط «العدالة والتنمية» في «مشروع أممي متوحش العقيدة وفائق الموارد اللوجيستية والمالية والقدرة على تجنيد شبكات التواطؤ والعمالة الداخلية والخارجية».

وتزامنت دعوة المصالحة الصادرة عن «الأصالة والمعاصرة» مع انسجام بين حزب «الاتحاد الاشتراكي» وشريكه التقليدي «الاستقلال» من جهة، وبن كيران من جهة أخرى، تمهيداً لائتلاف حكومي.

في غضون ذلك، يُرتقب أن تعرض الجولة الثانية من المشاورات التي سيجريها رئيس الوزراء المكلّف الأسبوع المقبل، هيكلة الحكومة والحقائب الوزارية.

وكان بن كيران التقى مسؤولي 6 أحزاب من الموالاة والمعارضة خلال الأيام القليلة الماضية. ووصف رئيس المجلس الوطني لحزب «العدالة والتنمية» سعد الدين العثماني المشاورات بأنها «جرت في ظل أجواء إيجابية وتقدير جيد للمرحلة التي تعيشها بلادنا»، لكن مصادر مطلعة ربطت بين تقدم المشاورات والاتفاق حول منصب رئاسة مجلس النواب.