ترامب وإريكسون...والسباق على الزعامة في سيرك الجمهوريين المحافظين.

إدوارد لوس

الشجاعة. القيادة. الفضيلة. كانت هذه هي الصفات التي كان يقدرها المحافظون في الماضي مرة. إذا فكرت في إبراهام لنكولن، ودوايت آيزنهاور وجورج بوش الأب، كان لدى الحزب الجمهوري معدل إنتاج مذهل معقول لتلك الصفات. وكان حسن خلق القادة أمر أساسيا للفلسفة المحافظة. دونالد ترامب لا يتناسب مع هذا الوصف. مضيف البرنامج التلفزيوني يمثل للمحافظة المشرفة ما كان الراهب سافونارولا يمثله بالنسبة للمسيحية. شيء ما لا بد أن ينهار الآن. إذا خسر ترامب فمن الصعب أن نرى ما يمكن أن يوقف الحرب الأهلية داخل الحزب الجمهوري.

ما إذا كان يمكن للحزب النجاة من الجيشان المقبل في صفوفه فهذا سيعتمد بشكل كبير على قادته. من الممكن أن نتصور أنه سينقسم إلى حزبين أو ربما ثلاثة أحزاب – قسم شعبوي يريد فقط بقاء السكان الأصليين، ويهيمن عليه أنصار ترامب، وحزب ديمقراطي مسيحي بزعامة المثقفين المحافظين والمدعوم من الشركات الكبيرة، وربما مجموعة تحررية ترغب في تقليص دور الدولة.

ولو كان لدى الولايات المتحدة نظام مختلف، فإن هذه الفئات ستكون منذ الآن كيانات منفصلة، ولكن في ظل نظام ديمقراطي من حزبين، فلا خيار أمامك سوى البقاء معا أو سنموت كل على حدة. هل يمكن للحزب الجمهوري البقاء على قيد الحياة؟

هناك اختبار رئيسي واحد بعد 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، هو كيف قام قادته حتى الآن بالتعامل مع ترامب. بول ريان، رئيس مجلس النواب وأعلى مسؤول منتخب في الحزب، اتخذ نهج النعامة. لكن في بعض الأحيان تجده يرفع رأسه من أجل التعبير عن رفضه لترامب - حول خطته لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، على سبيل المثال، والطريقة التي يتحدث بها عن النساء. وفي الحالة الأخيرة، لفت نفور ريان انتباه مقاطعي حملة ترامب إلى مناسباته العامة. ثم قام ريان بعد ذلك بغرس رأسه مرة أخرى في الرمال. من الأفضل بكثير أن تلتزم الصمت حول الموضوع وأن يعتقد البعض الآخر أنك خائن، بدلا من أن تفتح فمك وتزيل كل شك.

على أن شجاعة ريان ستكون مطلوبة قريبا. من المرجح أن حزبه سوف يبقي سيطرته على مجلس النواب في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ولكن مع أغلبية منكمشة. وهذا يعني أن الرافضين له - تجمع الحرية، الذي يتخصص في إغلاق الحكومة - سوف يأخذ حصة أكبر من كعكة منكمشة. وبالتالي ستكون وظيفة ريان أكثر صعوبة. وربما سيواجه تحديات في إشغال منصب رئيس مجلس النواب.

يجب عليه أن يقدم متأخرا الحجة التي تقول إن حزبه قد جنح عن طريق ترشيح شخص سوقي. أن تحكم يعني أن تختار. أما عرض إشارة وقحة باستخدام الإصبع الوسطى تحديا للمؤسسة فهذا ما يفعله المراهقون لآبائهم تعبيرا عن غضبهم. الآباء الجيدون يفرضون قواعد حكيمة. وإذا لم يتمكن ريان من فرض المعايير، فإن الأمور ستنهار.

من المرجح أن يأتي اختباره قريبا جدا. قال ترامب الأسبوع الماضي إنه سيبقي الولايات المتحدة في حالة ترقب حول ما إذا كان سيقبل نتيجة الانتخابات الرئاسية. وفي وقت لاحق أوضح أنه سيحترم تلك النتيجة إذا فاز. التوضيح الأخير كان بمنزلة نكتة في عشاء "مشوي" لألفريد إي سميث، حيث من المفترض لمرشحي الرئاسة أن يدلوا بتصريحات انتقاد ذاتية. تصريحات ترامب كانت بالكامل على حساب كلينتون (أنت فاسدة جدا، هيلاري").

وحتى لو خسر ترامب بأغلبية ساحقة في غضون أسبوعين، فإنه على الأرجح سيقول إن هناك نوعا من التلاعب في الموضوع. الرجل الذي أراد كل من فلاديمير بوتين وجوليان أسانج وديفيد ديوك، الزعيم السابق لجماعة كو كلوكس كلان، أن يكون هو المنتصر، ليست له مصلحة في نوعية الديمقراطية.

سوف يتطلب الأمر من ريان الشجاعة للمخاطرة بغضب الغوغاء الترامبية من خلال التمسك بنتائج الانتخابات. ولكن البديل أسوأ بكثير. السمة المميزة للقيادة هي العزم على فعل الشيء الصحيح بغض النظر عن التكلفة الشخصية.

فعل ذلك جورج بوش الأب عندما رفع الضرائب في عام 1991 – ليخرق تعهده "استمع جيدا لما سأقوله" حول الضرائب والمساعدة في تمهيد الطريق لفوز بيل كلينتون في العام التالي. كما أنه وضع الميزانية الأمريكية في مسارها الصحيح. وقام رونالد ريجان بذلك في عام 1986 عندما احتضن مايكل جورباتشوف ضد رغبات صقور الحرب الباردة. ساعدت شجاعة ريجان على تفكيك الاتحاد السوفياتي. ريان والآخرون بحاجة إلى فعل الشيء الصحيح مع ترامب. شخص غوغائي اختطف حزبهم. أفضل رد على ذلك هو القيادة الرائعة.

هناك سؤال رئيسي هو ما حدث لجميع المسيحيين المحافظين. مع الأسف، كان لدى عدد قليل منهم الشجاعة للوقوف في وجه ترامب. زعماء مثل جيري فالويل جونيور، رئيس جامعة ليبرتي وتوني بيركنز، رئيس مجلس أبحاث الأسرة، يفضلان الحفاظ على اتفاق مع الشيطان. وعد ترامب بترشيح المعينين بالمحكمة العليا الذين من شأنهم نقض الحكم الصادر في قضية "ريو ضد ويد"، الذي أعطى المرأة الحق في الإجهاض، وذلك حتى يغضوا الطرف عن أنانيته الإباحية.

ومن يقول إن الوسيلة تبرر الغاية فهو يتبع أسلوب الماركسيين الملحدين. فهذا هو نقيض المسيحية، التي تحكم على الأفعال من حيث طابعها الخيري بحد ذاته. لقد راهنوا ووضعوا بضاعتهم مع الشعبويين الذين يريدون أن تبقى أمريكا للأمريكيين. هناك فجوة تنشأ أمام شخص مسيحي ملتزم بالمبدأ في أن يدافع عن دينه. الأمر المثير للمفارقة هو أن طائفة المورمون، الذين موطنهم ولاية يوتاه، في سبيلها لأن ترفض المرشح الجمهوري للمرة الأولى منذ عام 1964، أناروا الطريق أمام أهل الجماعة من المسيحيين. حسن الخلق لا يزال مهما بالنسبة إليهم.

الأزمة التي رزئ بها الجمهوريون هي مشكلة أوسع في الزعامة عبر العالم الغربي. على سبيل المثال، كلما قل كلامنا عن فضائل بوريس جونسون أو فرانسوا أولاند، كان ذلك أفضل. على حد المثل الشائع، من الأفضل كثيرا أن تضيء شمعة بدلا من أن تلعن الظلام. في وقت نجد فيه أن قيم عصر التنوير تتعرض للحصار، وحين يحتفى بالجهل على أنه فضيلة، فإن الطلب على الزعامة الشجاعة لم يكن قط أقوى مما هو عليه الآن.

 

حفظطباعةتعليقإرسال