اقترب الانفراج

سمير عطا الله

أجمل ما في الحملات الرئاسية الأميركية، أنها تنتهي ذات يوم. ولكن بعد أن يكون العالم أجمع قد مل هذا الدهر الطويل من السفاسف والترهات وخطاب دونالد ترامب في أيوا، وزعيقه في نيفادا، وحكاية الاعتداء على المرأة السابعة في كاليفورنيا، ويفضل أن تكون من أوروبا الشرقية، والأفضلية للتشيكيات.

يفترض أن الحملة جزء من الديمقراطية الأميركية يجب عدم المساس بها وبمراحلها البهلوانية وسطحياتها، وحديث المطابخ وكلام المخادع والحركات الفاضحة التي يؤديها المرشح الجمهوري بأصابع يديه كأنه يتشاجر، أو يتمازح، مع ما يسميه أبناء الأزقة، ويسميه إخواننا المغاربيون أبناء الزنقات، والمقصود واحد.

علمتنا الصحافة ألا نتوقف كثيًرا عند فراغات السياسة، وإذا فعلنا، فوقفة على طريقة العصافير لأنها أكثر معرفة بالأشياء، وأكثر دراية منا بحقائق ما أمامها، ولذا، تراها أكثر سعادة. فعندما يحط قربك عصفور في المقهى، تراه ينقد في سرعة مذهلة حبة شوكولا ويمضي، فيما أنت لا تزال غارًفا مقالاً آخر حول كيفية تحسين أحوال العالم.

والحملة الرئاسية الأميركية ليست أسوأ الأعمال السياسية، ولا أضحلها. فقد شهدنا في الماضي رجالاً تليق بهم القضايا والأفكار والرؤى. وبعضهم رفع السياسة إلى مرتبة الأدب. وبالذكاء والظرف ربح تشرشل الحرب على طائرات هتلر ودباباته وجحافل وحوشه. وبذلك الذكاء والفكر التاريخي وروح الدعابة الساحرة حافظ على الإمبراطورية المتهاوية أمام همجيات الفاشيين. 

وبعض الحملات الرئاسية الأميركية كان طريًفا، كما مع رونالد ريغان، وبعضها كان أخلاقًيا كما مع جيمي كارتر، وبعضها كان تاريخًيا كما مع جون كيندي. لكن المشكلة الكبرى في أن يطول العرضوليس في الواجهة سوى الثقلاء والغلظاء والذين لا يقدمون سوى الغضب.

عندما تنتهي الحملة الحالية ويترضى الله على العالم ويذهب الهائج إلى برجه من دون أن يكون قد ابتسم مرة واحدة، أو قال جملة مفيدة واحدة، عندها، قد يعتدل الاحتباس الحراري، لشدة ما سيتنفس العالم الصعداء. وكما بكت الضفادع والطيور في وفاة الزعيم المبجل كيم جون إيل، فإنها ستفرح لنزول ديم عن المسرح المتنقل.

هذا التهريج الدوري باسم الديمقراطية، وهذا العرض لجميع مستويات الفكر والثقافة، هو دك خطر لفكرة الديمقراطية. إنه تلوث يخرج من حدود الولايات المتحدة. ويرمي كلام وصور وأصابع دونالد ترامب في وجوه الحضارة الغربية.