خطيب النهرين يتحدى إرهاب الانقلابيين بصنعاء

أبها: سلمان عسكر

شن إمام وخطيب جامع النهرين بصنعاء، الشيخ يحيى الديلمي، في خطبة الجمعة الماضي، هجوما على ميليشيات الحوثي المتمردة وحليفها المخلوع صالح. واتهم الانقلابيين، في تحد واضح، بأنهم سرقوا ثروات اليمن وخيراته. وقال الديلمي لـ"الوطن" إن هناك تكميما للأفواه وإرهابا للناس، غير أنه يتحدث من داخل صنعاء و"لا يخشى في الحق لومة لائم".

في خطبة مطولة يوم الجمعة الماضي، شن خلالها هجوما على ميليشيات الحوثي المتمردة وحليفها المخلوع علي عبدالله صالح، أكد أستاذ العلوم الشرعية إمام وخطيب جامع النهرين في صنعاء، الشيخ يحيى الديلمي، أن اليمن غنية بالثروات إلا أن خيراتها نهبت، مشيرا إلى أن نظام المخلوع السابق، هو سبب تأخر وتدهور وتراجع اليمن، وأن هدفه وحلفائه الحوثيين في سعيهم للسلطة هو سرقة البلاد. 

وذكر الديلمي، الذي يعد أول من يظهر من مشايخ صنعاء في مواجهة علنية مع الانقلابيين، أن اليمن لديها عقول وخبرات وثروات عديدة، ولكن تعمد المخلوع تكميم الأفواه وسرقة الثروات، تسببا في عدم إتاحة الفرصة لتلك العقول، كذلك تأخر وتدهور وتراجع اليمن.

استنهاض الأمم 
وقال الديلمي في اتصال هاتفي مع "الوطن" إن هناك تكميما للأفواه وإرهاب للناس حتى في المطالب بحقوقهم، مؤكدا أنه يتحدث من داخل صنعاء "ولا يخشى في الحق لومة لائم". 

وأضاف أن الخطبة كان لها جل الأثر في نفوس الأغلبية من الحاضرين والذين اتفقوا مع محتواها، مبينا أن دور العلماء رئيس ومهم في استنهاض الأمم، ورفض الظلم ومحاربة الفساد والعلماء دورهم أساسي في أي مجتمع.

حكم سابق بالإعدام 
وأكد الديلمي أن النظام السابق كان له مواقف منه، وأن المخلوع صالح حين كان رئيسا، حكم عليه بالإعدام، وتم إيقاف تنفيذ الحكم وتحول إلى حبس عشر سنوات، مشيرا إلى أن طريقة عمله لم تتغير وكلمة الحق لا تخيفه في الماضي ولا في الحاضر، وقال "إن الإنسان يجب أن يكون صاحب موقف قيمي لا يخشى فيه إلا الله سبحانه وتعالى، وأن الذين يقومون برسالة الله لا يخشون إلا الله". وأضاف أن المعاناة شديدة وصلت إلى عظام اليمنيين، وأن هناك من يموت جوعا ومن يعيشون حالات مرضية ولا يجدون دواء، مشددا على أن الواجب يحتم عليه القيام بدوره في كشف الحقائق وتوعية الناس بمخاطر الانقلابيين.

صمت العلماء 
وقال الديلمي: إن بعض الناس اختلفوا حول توجيهه التهم للانقلابين بأنهم وراء ما وصلت إليه اليمن من انهيارات، وأضاف "أن العلماء لا يتحدثون ولا أدري لماذا هم صامتون ؟"، موضحا بأن السبب هو الخوف والطمع، في حين أن طبيعة المسلم ألا يخاف وألا يطمع. وأشار إلى وجود تواطئ تسبب فيما وصل إليه الانقلابيون، مبينا أن سكوت الناس وصمت الإعلام والصحافة عن القيام بواجبهم تجاه ما حدث منذ البداية كان وراء تدهور الأمور.

رسالة إلى صالح والحوثي 
أضاف الديلمي "أنا أول من تكلم من على المنبر ومن وقت مبكر، وحذرت من خطورة الموقف، ولكن يبدو أن هناك ترتيبات لحجب الأصوات"، لافتا إلى أنه كان في صراع مع الباطل من زمن، وأنه انحاز للحق. وقال "رسالتي الآن أوجهها إلى صالح وجماعة الحوثي، بأن يتقوا الله في الشعب اليمني والأمة، ويجب على الأمة الإسلامية مواجهة كل الأخطار الناجمة عن الانقلابيين"، مشيرا إلى وجود جرس خطر من وقت مبكر لم يتنبه إليه الناس، وهو الخطر الإيراني، مبينا أن الناس لم يتنبهوا لهذا الخطر القادم لتفكيك وتفتيت اليمن، هذا البلد الطيب. وقال هناك نشاط محموم يتحرك فيه أولئك الانقلابيون، لبث سموهم وأفكارهم مع عقائدهم ومنهجيتهم بكل مكان، مطالبا اليمنيين بالتحرك لمواجهتهم، وقال "أدعو علماء اليمن لأن يتقوا الله وأن يقولوا قولا سديدا، وأن يقفوا مع الحق ومع الشعب اليمني الذي تضرر من هؤلاء الانقلابيين وفئاتهم وعناصرهم التي قامت بعمل غير شرعي لا يرضي الله سبحانه وتعالى، ووصل الأمر إلى ما وصل إليه وهم صامتون".

معرفة الناس بحقوقهم 
قال الديلمي: إن جهل بعض الناس وعدم معرفة مالهم وما عليهم سببا آخر لما يحدث باليمن، ويعطي الفرص لاستمرار فرض سياسة التجويع، ولكن على الناس أن يتعلموا مالهم من حقوق حتى يطالبوا بها. 

وأوضح أن الانقلابيين يبررون للناس بأن ما يحدث لليمن هو بسبب ما يقوم به التحالف لاسترداد الشرعية، بينما الحقيقة التي يجب أن يعرفها الناس داخل اليمن ليست كذلك، موضحا أن الحقيقة هي تراكمات الفساد منذ زمن بعيد، وأيضا بسبب الصراع على السلطة بغير معرفة أو دراية. 

وأضاف "أنا أقول كل ذلك وبالصوت العالي ومن داخل صنعاء، وأعلم بأن الانقلابيين سينتقمون مني، ولكن تبقى كلمة الحق هي العليا، وعلى باقي العلماء أن يقولوا كلمة الحق في وجه الظلم والجور".

أهلكوا النسل والحرث 
أكد الديلمي أن المتمردين منذ انقلابهم على الشرعية واستيلائهم على القيادة والوزارات وغيرها، تسببوا في كل المصائب التي تعيشها اليمن حاليا، حتى الإنتاج الزراعي الذي كان الناس يعتمدون عليه أفسدوه، وأهلكوا النسل والحرث، مشيرا إلى أن أولئك المتمردين ليسوا من خريجي الجامعات ولا الكليات ولا المعاهد، ولا من أصحاب الشهادات، ولكن اليمنيين وجدوهم في لحظات سريعة أثرياء وأصحاب ثروات طائلة وممتلكات هائلة، يركبون سيارات فارهة ويمتلكون أموالا وأرصدة كبيرة في البنوك ويسكنون فللا ضخمة بعد أن كانوا في منازل عادية بل كان البعض منهم يعيشون في الأودية والجبال.

سرقة وفساد 
وعد الديلمي أن الفساد الذي مارسه الانقلابيون والسرقات التي قاموا بها، هي السبب وراء الثروات الطائلة التي ظهرت عليهم في السنوات الأخيرة، وقال "أتظنون أن تلك الأموال من عرق الجبين، نحن نعلم أن التاجر الصادق مع النبيين والصديقين والشهداء لأنه لا يريد من تجارة علوا في الأرض ولا إفسادا، أما أولئك فقد وضعوا الضرائب والجمارك وسرقوا النفط والغاز ومشتقات البترول وجعلوها لأنفسهم، في حين يتركون الرسوم والضرائب تطبق على الناس ممن لا يملكون قوت يومهم". وأضاف الديلمي "إن الانقلابيين يقولون: احمدوا الله إننا نصرف الرواتب بينما لم تصرف، ومن أين يصرفون هم هل هي أموالهم الخاصة، أم هي من حقوق الشعب".

تجويع الشعب
بين الديلمي أن أول سبب للفقر في اليمن هو الفساد وهو أول معوق للتنمية بكل أنواعها لأن السرقة والنهب وفتح الأبواب والبنود وصرف الشيكات لأفراد معينة، هو الفساد والدمار لليمن، وهو ما يمارسه الانقلابيون بحق الشعب اليمني. وقال إن الانقلابيين يريدون تجويع الناس وترويعهم وترهيبهم، حتى يحققوا فيهم ما يريدون، مضيفا أنهم يريدون تطبيق المثل القائل: "جوع كلبك حتى يتبعك". وتابع "أتريدون أيها المفسدون أن تجوعوا أمة من أجل أن يتبعوكم، وأن يكونوا وراءكم، أعطوهم حقوقهم، إذا كان الجوع عاما قد وصل للأغنياء والفقراء فتلك خاصة ويجب الصبر عليها، أما أن يشبع البعض من مال الدولة ويجوع البعض الآخر، بسبب امتناع من استولوا على السلطة بالقوة والظلم فهذا مالا يجب الصمت عليه والخروج في وجهه بقوة".