الياس الديري

المُعرقلون معروفون بأسمائهم الثلاثيَّة. والأسباب، أو الدوافع معروفة، وبأبعادها الثلاثيّة أيضاً. لكن حكومة العهد الأولى ستُؤلَّف قريباً، واستناداً إلى الأسس التي يرضى عنها الرئيس ميشال عون وتحظى بموافقة الرئيس سعد الحريري، ولا تثير سخط الجماهير الغفورة، أو "البغل" الذي اكتشفه الشيخ الرفيق سعيد تقي الدين ويدعى الرأي العام.


ووفق الأصول، وانسجاماً مع المعادلات النيابيَّة، السياسيَّة من دون زيادة أو نقصان...
غير أن ذلك لم يمنع المرجعيّات "الحياديّة" وأصدقاء لبنان في الخارج من التساؤل: ماذا يريد المعرقلون والمعطِّلون من عهد حليفهم الرئيس ميشال عون مع بداياته، وقبل أن يتيحوا له فرصة تأليف "حكومة الانطلاق"؟
بل، لماذا انقلبوا عليه بهذه العجلة؟ وإذا كان من خطأ، أين أخطأ، وكيف، وفي أي مجال، وقبل أن يوقِّع قراراً واحداً، أو يُقدم على خطوة سياسيّة، سواءً في هذا الاتجاه أو ذاك؟ وسواء بالنسبة الى تلبيته دعوات المملكة العربية السعودية وقطر ودول الخليج، أو غيرها من الخطوات التي ترتدي طابعاً أو لوناً سياسيّاً قد يضايق مزاج إيران، أو يؤثِّر على التقاطعات السياسيَّة المحليَّة في شكل أو في آخر...
لقد سبق الفضل و"حلَّق" الحلفاء في أجواء الفراغ الرئاسي طوال سنتين ونصف سنة، فلم يقل لهم أحدٌ ما أحلى الكحل في عيونكم، ولم يجرِّب الرئيس عون في ذلك الوقت أن يسأل، أو يتردَّد، أو يظهر امتعاضاً. ماشاهم في مخططهم إلى أن جاء الرئيس سعد الحريري وقطع "صوت الصمت الرئاسي"، وكان ما كان، وصار الجنرال الحليف المخلص والوفي رئيساً للجمهوريّة.


فماذا عدا مما بدا؟
ولِمَ هذه اللخبطة التي أحاطت بحركة التأليف، حتى بدأ الناس العاديّون والمخضرمون و"الخبراء" يشكّون في نيَّات الحلفاء تجاه العهد، وما إذا كان وراء العرقلة المفتعلة رغبة في "تحجيم" الرئيس قبل أن ينطلق... على ما يهمس البعض؟
لندع ذلك كلّه جانباً، ومعه ما يُذاع ويُشاع ويملأ الأسماع عن "غضبة صامتة" اندلعت ضدَّ العهد بعد العودة السعوديَّة إلى الربوع اللبنانيّة التي لم تغادرها المملكة منذ عهد الملك المؤسِّس عبد العزيز آل سعود.


فعدد اللبنانيّين العاملين في مختلف المجالات والأرجاء السعوديَّة يفوق الأربعمئة ألف، فضلاً عن الآلاف المنتشرين في دول الخليج. فهل في إمكان أحدهم أن يعلن للملأ عدد اللبنانيّين العاملين في الفيافي والحنوات الإيرانيّة؟
هذا، فضلاً عن المبادرات الإنقاذية التي قامت المملكة العربيَّة السعودية تجاه لبنان في حروبه وأزماته، ناهيك بالمساعدات المالية و"الكفالات" وما لا يُحصى من التضحيات... ولكن، ستكون للبنان حكومة تُرضي اللبنانيّين، كما "الغيارى".