يقوم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بترتيب أوضاع حكومته الشرعية لاستقرارها في الداخل، بعد أن تأكد له أن كل الوسائل لحل المشكلة اليمنية عبر المفاوضات مع الانقلابيين غير مجدية وأنهم غير جادين في التوصل إلى حل سلمي، لعدم رغبتهم في التخلي عن السلاح وعن مقدرات الدولة التي سيطروا عليها.
إجراءات الرئيس هادي في ترتيب وضع حكومته في الداخل اليمني بدأت تدريجيا منذ وقت مبكر، بدءا بالترتيبات الاقتصادية، مرورا بالإجراءات العسكرية، وانتهاء باللمسات السياسية التي تتجه جميعها نحو تعزيز واستقرار الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، حتى يتم تحرير العاصمة صنعاء من سيطرة الانقلابيين.
وشهد الشهر المنصرم أكثر هذه الإجراءات كثافة، من حيث قيام الرئيس هادي بإصدار العديد من التعيينات العسكرية والإجراءات الأمنية والقرارات ذات الصلة بترتيب الوضع الداخلي والتي توّجها بعودته وعودة رئيس وأعضاء حكومته إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وتواكبت هذه العودة بتجذير أسس الدولة في عدن وفرض سيطرتها على العديد من المناطق الأخرى وتوزيع المهام بين قياداتها في مختلف المناطق لإدارة الدولة والترتيب بشكل عملي للمستقبل اليمني بما تمليه المصلحة العليا للبلد، بعيدا عن معوقات الداخل أو ضغوط الخارج.
واستنفد الرئيس اليمني طاقته القصوى واستخدم أبرز الأوراق خلال الشهور والأسابيع الماضية لترتيب أوضاع البلد المثقل بأوجاع الحرب وهموم الكارثة الإنسانية التي حلّت به جراء موجات الصراع بين القوات الحكومية وميليشيا الانقلابيين الحوثيين والرئيس السابق علي صالح، منذ منتصف العام 2014.
ووفقا للعديد من المراقبين والمحللين السياسيين، يعيش اليمن حاليا في حالة سباق محموم بين السلطة الشرعية وسلطة الأمر الواقع الانقلابية في العاصمة صنعاء، حيث يتسابق الطرفان على فرض سلطته على الأرض ويستخدم أدواته الدبلوماسية للحصول على الدعم الخارجي من أجل تعزيز موقفه التفاوضي في أي اتفاقات مقبلة لحل الأزمة اليمنية عبر الأمم المتحدة أو غيرها.
ويقوم الرئيس هادي حاليا بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة لحضور فعاليات احتفالاتها بالعيد الوطني، لتعميق علاقاته مع حكام أبوظبي في إطار ما يسمى بدبلوماسية المناسبات، خاصة في ظل الحضور القوي للدور الإماراتي في محافظة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، والتي أثارت العديد من علامات الاستفهام المحلية والخارجية وتسببت في العديد من ارباكات الوضع الداخلي، لكن على ما يبدو، يحاول الرئيس هادي حزم أمره في هذا الأمر حتى لا تظهر انعاكاسات سلبية لذلك في المستقبل، مع توجهاته لردم كل بؤر التوتر الداخلية المستقبلية في كل أرجاء اليمن.
وقالت مصادر سياسية لـ«القدس العربي»: «ان سلطة الرئيس هادي، المقرر عودته إلى عدن عقب زيارته لدولة الإمارات، مثقلة بالعديد من الملفات الساخنة في كل الصعد في حال انتهت الحرب بأي صيغة من الصيغ المتاحة، وفي مقدمة ذلك الملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية والصحية والتنموية وإعادة الإعمار وغيرها».
وأشاروا إلى أنه في حال فشلت حكومة هادي في حسم المعركة عسكريا أو تعثر الحل السلمي للأزمة عبر المفاوضات، فمعنى ذلك أن البلد ينتظره وقت طويل من المعاناة الإنسانية والأزمات المتلاحقة، التي ستحيله إلى كانتونات ملتهبة ومفكّكة وسيصعب السيطرة عليها من قبل مختلف الأطراف المتحاربة، وبالتالي يحاول الرئيس هادي بكل ما أوتي من قوة احتواء الموقف قبل سقوط اليمن في مستنقع الحرب الأهلية الشاملة والتي لن تكون لصالح أحد وستكون كارثية على مختلف الأطراف.
في غضون ذلك علمت «القدس العربي» من مصادر وثيقة الإطلاع أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، فشل في الحصول على حق اللجوء السياسي في كوبا، بعد محاولات مستميتة ومساع حثيثة مع مجلس الأمن ولجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة للسماح له بالسفر إليها تحت غطاء المشاركة في تشييع جثمان الزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو. وبرّر صالح موقفه المفاجئ بعدم السفر بقرار حزبه الذي نصحه بعدم مغادرة اليمن في الوقت الراهن، في حين لم يتلق أي رد على طلبه من قبل الأمم المتحدة التي لم تنظر في طلب سفره إلى كوبا. 
وأوضحت المصادر أن «صالح يحاول منذ العام 2011 ترتيب وضع لجوئه السياسي إلى كوبا بعد أن نجح في نقل الكثير من أمواله إليها بمساعدة تجار محليين وإقليميين ودوليين وتجار المافيا، حيث يرى أن كوبا هي الملاذ الآمن له ولعائلته ولأمواله المنهوبة، نظرا لاعتقاده أن كوبا متمردة على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية عموما وبالتالي لن تطاله العقوبات الدولية كما لن تطال أفراد عائلته في حال انتقل للاستقرار فيها».
وأشارت إلى أن صالح تربطه علاقات شخصية وطيدة مع أفراد عائلة فيدل كاسترو وهي التي يعتقد أنها تشرف على رعاية مصالحه في كوبا والتي كان يطمح إلى الانتقال إليها ليشرف بنفسه على رعاية مصالحه، خشية تعرضه للاحتيال من قبل الوسطاء، في حين كان نجل شقيقه الأكبر العميد يحيى محمد عبدالله صالح قد قام بزيارة لكوبا في 2011 لترتيب وضع اللجوء السياسي لعائلة صالح في تلك الفترة عندما بدأت عملية الانهيار تتسارع لسلطة صالح في اليمن.
وذكرت المصادر أن أغلب أفراد عائلة صالح غادروا اليمن مؤخرا عبر طائرة عمانية كانت تقل جرحى حادثة القاعة الكبرى التي استهدفتها طائرات قوات التحالف وسقط جراءها عشرات القتلى ومئات الجرحى، تكفلت سلطنة عمان بنقل بعضهم للعلاج في مستشفياتها. 
ويشترط للموافقة على طلب صالح بالسفر خارجيا، موافقة لجنة العقوبات الخاصة باليمن في مجلس الأمن الدولي، حيث يفرض مجلس الأمن الدولي منذ عام 2014 عقوبات على صالح لتهديده السلام وعرقلته العملية السياسية في اليمن، وتتضمن هذه العقوبات حظرًا على سفره وتجميدًا لأصوله.