&سعيد السريحي

يلتقي المؤرخون في مكة وأمامهم مهمة ليست سهلة لا تتوقف عند حدود ما أشار إليه رئيس الدارة المنظمة لملتقاهم من حيث ضرورة العودة إلى مصادر التاريخ لكتابة لا تمثل تكرارا لما كتبه مؤرخون سابقون عليهم، وإنما هي مهمة يحدوها هم إخراجنا من المأزق الحضاري الذي انتهت إليه الأمة الإسلامية والتي شكل تاريخها والكيفية التي كتب بها سببا من أسباب ما انتهت إليه من انحراف فكري ربطت فيه جماعات متطرفة بين العنف والإسلام وجعلت من الحروب والمعارك والقتل والتدمير الوسيلة الوحيدة لنشر الإسلام.

وكتب التاريخ مسؤولة عن كثير من ترسيخ هذا التصور سواء كان معتدلا أو متطرفا فقد حرصت تلك الكتب على تتبع المعارك وأخبار الانتصارات والهزائم وأسماء القادة والفاتحين وعدد من سقطوا قتلى من الأعداء وعدد المدن التي فتحت والتي دمرت والتي حرقت، هذه الكتب التي اعتنت بزحف الجيوش الإسلامية غربا حتى انتهت إلى قلب بلاد الفرنجة (فرنسا حاليا) هذه الكتب لم يكن يعنيها أن تحدثنا كيف انتشر الإسلام شرقا حتى بلغ جزر الملايو وبورما وبلاد الجاوا والفلبين، لم تقل هذه الكتب كيف دخل أهل تلك البلدان في دين الله أفواجا وما ذاك إلا أنه لم تكن هناك معارك ولا قادة جيوش ولا أسرى ولا قتلى ولا مدن تتساقط أسوارها في أيدي الفاتحين.

كتب التاريخ ومن كتبها لم يكن يعنيهم تاجر علم الناس بخلقه أن الإسلام دين العدل والتسامح والخير والحب والإنسانية فأسلموا، كتب التاريخ لم تعلمنا أن القدوة الصالحة سبيل لنشر الإسلام بين شعوب الأرض ورسخت في تصورنا أن السيف هو لسان الدعوة إلى الإسلام ولا عجب بعد ذلك أن تخرج القاعدة وداعش من ثنايا كتب التاريخ.