&صالح القلاب

&

بدت تصريحات موسى أبو مرزوق, التي هاجم فيها إيران بعنف غير مسبوق من قِبله أو من قبل أي مسؤول في حركة "حماس"، "مغمسة" بمرارة شديدة، وكأنه لم يكن يتوقع هذا الفراق المؤلم بعد شهر عسلٍ استمر سنواتٍ طويلة أقحمت خلالها هذه الحركة الفلسطينية قطاع غزة الجريح في حربين مدمرتين مع إسرائيل استجابة لرغبة السلطة في طهران التي أرادت، والظاهر أنها لاتزال تريد، أن يكون هذا القطاع نسخة من ضاحية بيروت الجنوبية التي حوّلها حسن نصر الله وحزبه إلى قاعدة إيرانية متقدمة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

لقد كان على الأخ المجاهد موسى أبو مرزوق أن يعرف ويدرك مبكراً, حتى عندما كان معتقلاً في الولايات المتحدة حيث كانت الأرض قد ضاقت عليه بما رحبت لولا مبادرة العاهل الأردني الراحل الملك حسين، رحمه الله، الذي فتح أبواب الأردن له عندما أغلقت كل أبواب الدنيا في وجهه, أنَّ العلاقات مع دولة مثل إيران لن تكون بدون أثْمان غالية، وأن "المساعدات"! التي قدمها الولي لحركته ليست خالصة لوجه الله، وبالطبع لا لوجه فلسطين ولا وجه الشعب الفلسطيني.

وليس ذلك مقتصراً على "الأخ المجاهد" موسى أبو مرزوق وحده، بل كان على خالد مشعل وباقي قادة "حماس", أن يدركوا أن الدول "المانحة" لهم ولحركتهم ليست جمعيات خيرية، وأنها تريد موقفاً سياسياً مقابل كل فلس تدفعه، وحقيقة فإن هذا هو ما حصل عندما طلبت الجمهورية الإسلامية من حركة المقاومة الإسلامية، وانطلاقاً من معادلة "كما تدين تُدان" أن تنحاز علناً إلى جانب الحوثيين وعلي عبدالله صالح، وأن تقف بكل وضوح وعلى رؤوس الأشهاد ضد المملكة العربية السعودية وضد التحالف العربي.

وبالطبع فإنه ما كان ممكناً أن تستجيب قيادة "حماس" إنْ ليس كلها، فبعضها ومن بين هؤلاء موسى أبو مرزوق، لهذا الطلب التعجيزي، والسبب أولاً: أن ما يقوله الإيرانيون عن دعم المقاومة كذب... ولأنهم لم يدفعوا شيئاً منذ عام 2009 كما قال السيد أبومرزوق نفسه، في تصريحات بثتها بعض الفضائيات بالصوت والصورة!

وثانياً: أن هذه الحركة مع أنها لعبت, منذ ظهورها على الساحة الفلسطينية, على حبالٍ كثيرة، ما كان ممكناً أن تستطيع اللعب على هذا الحبل "لأن الإيرانيين قد أهلكوا العباد في اليمن" كما قال أبو مرزوق، ولأن موقفاً كهذا الموقف سيكون بمنزلة نهاية مأساوية لهذه الحركة التي لو أنها غامرت واتخذته لوضعت نفسها ضد أكثر من ثمانين في المئة من المسلمين في الكرة الأرضية.

&هناك مثل يقول: "إن من يرافق الضبع سيأكله الضبع في النهاية"، ويقيناً فإن هذه النهاية كانت متوقعة، وذلك لأن من يدفع يجب أن يقبض، ولأن العلاقات مع دولة كهذه الدولة ليست علاقات مع جمعية خيرية تدفع بدون أن تقبض، ويبقى هنا أن على "المجاهد الكبير" موسى أبو مرزوق أن يكون حذراً ومستعداً لأي مفاجآت، لأن الظاهر أن هناك من بين إخوانه من قادة "حماس" من بدأ يفكر في بيعه قبل أن يصيح الديك، حيث بدأ التهامس عن أن حسن نصر الله باشر العمل على خط إعادة المياه إلى مجاريها بين هذه الحركة وأصحاب السلطة في إيران... ولكل شيء ثمنه!