حسنين كروم

& فجأة تسبب الرئيس عبد الفتاح السيسي بمداخلته مع الإعلامي عمرو أديب وطلبه من أولتراس النادي الأهلي تشكيل وفد منهم للاطلاع على نتائج التحقيقات في مذبحة إستاد بورسعيد، وقوله أيضا أن تفكك الدولة بدأ بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967 في اجتذاب اهتمامات الأغلبية نحو السياسة من جديد، وبالمعارك التي أشعلتها مداخلة الرئيس، خاصة أنها في معظمها رافضة لها وغاضبة منها، وهي أول مأزق حقيقي يقابله مع الأغلبية، وعكسته بسرعة الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 3 فبراير/شباط. كما أجتمع الرئيس مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل لبحث إجراءات رفع الجمارك عن عدد من السلع المستوردة وألا تؤثر الزيادات على الأسعار.

رغم أن زميلنا الرسام في «الوفد» عمرو عكاشة أخبرنا أمس أنه شاهد أسدا يمثل زيادة الأسعار يبتلع الأجور.

كما قابل الرئيس والمسؤولون وزير التجارة الروسي، وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات من بينها، إقامة منطقة صناعية شرق قناة السويس، أي في سيناء. ورفض محكمة جنح مستأنف قسم الجمالية في القاهرة الاستشكال المقدم من إسلام بحيري في الحكم الصادر من المحكمة بحبسه سنة. وأنشطة معرض القاهرة الدولي للكتاب والزيادات الكبيرة في عدد الزوار. وإلى بعض مما عندنا..

برنامج قومي للإصلاح الاقتصادي

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، وبدأها يوم الثلاثاء في «الشروق» الخبير الاقتصادي الدكتور زياد بهاء الدين باتهام النظام بعدم الوضوح في سياسات وإجراءاته وتحديده الإجراءات التي قال إنه لو اتبعها فسيسير في الطريق الصحيح ومنها: «أولا: وضع برنامج قومي للإصلاح الاقتصادي يتجاوز مجرد الإعلان عن أرقام مستهدفة للنمو والتضخم، إلى تحقيق الحد الأدنى من التوافق حول أولويات الإنفاق العام، وكيفية تنمية الاستثمار والحد من البطالة وتوفير الحماية الاجتماعية لمن يستحقونها، ورفع مستوى الخدمات والمرافق العامة القائمة قبل الاندفاع نحو المزيد من المشروعات العملاقة. وترتبط بذلك إعادة النظر في دور القوات المسلحة في إدارة الشؤون الهندسية والاقتصادية للبلد، بما يحافظ على مكانتها ويبعدها عن الانخراط في تفاصيل ومجالات لا ترتبط بمهمتها المقدسة في الدفاع عن سلامة وأمن الوطن والمواطنين. ثانيا: التمسك بالدستور نصا وروحا وإعادة الاستقلال والهيبة للقضاء، والتزام الدولة بالقانون والتوقف عن التدخل في شؤون العدالة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والمكبلة للنشاط السياسي والأهلي، والعمل على تطوير جهاز الشرطة بما يرفع من كفاءته وفاعليته في إطار احترام الدستور والقانون وحقوق المواطنين. ثالثا، إنهاء حالة الإقصاء السياسي لكل الأطراف التي تنبذ العنف وتقبل العمل في إطار الدستور والقانون، وعلى رأسهم الشباب المستبعد من الساحة والملاحق بقوانين مقيدة للحريات، والمنتمون إلى التيار الإسلامي الواسع، ممن لم يتورطوا في العنف، أو في مساندته أو التحريض عليه، والمحسوبون على نظام مبارك ممن لم تثبت عليهم جرائم فساد أو قتل أو تعذيب، ولا يزالون مهددين ومعطلي الطاقة بسبب الملفات المفتوحة والتحقيقات الجارية منذ سنوات. رابعا، وضع برنامج قومي لمكافحة الفساد لا يكتفي بإلقاء القبض على بعض المسؤولين ولا الإعلان عن قضية كبرى تلهب خيال الرأي العام ومشاعره، بل يستند إلى سن قوانين مكافحة الفساد ومنع تعارض المصالح وإتاحة المعلومات وتطوير كفاءة ومهارات الأجهزة الرقابية للتعامل مع الجرائم المالية الحديثة والتوقف عن استخدام موضوع الفساد وسيلة لتصفية الصراعات السياسية. خامسا: وضع وتطبيق ميثاق أو قانون للشرف الإعلامي بما يضع نهاية لحالة الانحدار المهني والأخلاقي ولسيطرة مجموعة محدودة من رجال الأعمال على وسائل الإعلام ولتدخل الدولة في توجيه الرأي العام».

رأسمالية المحاسيب تحول الوظائف إلى ماكينات بنوك

وما أن قرأ زميلنا وصديقنا عبد الحليم قنديل رئيس تحرير «صوت الأمة» الأسبوعية المستقلة، مطالبة زياد بوقف التحريض على المحسوبين على نظام مبارك، الذين لم تثبت عليهم جرائم فساد أو تعذيب، حتى صاح في يوم الثلاثاء نفسه قائلا في مقاله الأسبوعي في جريدة «الأخبار» (قومية) ومهاجما النظام في الوقت نفسه: «بحكم نهائي بات وبختم النسر وباسم الشعب الذي تصدر به أحكام القضاء، أصبح المخلوع مبارك «حرامي برخصة رسمية»، وكذلك ولداه في قضية سرقة أموال القصور الرئاسية، فبعد خمس سنوات على ثورة 25 يناير/كانون الثاني، لا تزال السطوة المالية محجوزة لرأسمالية المحاسيب، التي تكونت وتضخمت سرطانيا في عهد المخلوع مبارك. جماعة رأسمالية المحاسيب تمد يدها لجماعة أخرى من «أولاد الحرامي» وهي جماعة البيروقراطية الفاسدة التي نشرت فيروس الفساد في بدن الدولة كله، وأجرت «خصخصة مجازية» للوظائف العامة وحولت الوظائف إلى ماكينات بنوك تدر على أصحابها ما يوازي ثقلها من أوراق البنكنوت، وقد ازدهرت البيروقراطية الفاسدة في الإدارة والبرلمان والحزب أيام مبارك، وعاشت عصرها الذهبي ولم تفقد سوى بعض الرؤوس الطائرة في السنوات التالية للثورة، وعادت للانتعاش مع تزوير حقيقة 30 يونيو/حزيران، بنت ثورة 25 يناير وتصويرها كانقلاب على الثورة الأم، وتكتمل ثلاثية «أولاد الحرامي» بالسيطرة على الإعلام الخاص وعلى صحفه ومواقعه الإلكترونية وقنواته التلفزيونية الأعلى مشاهدة، فكل ملياردير صار يملك أحزابه وكتلته البرلمانية وإعلامه، ولا بأس من إضافة قنوات تلفزيونية جانبية لمقاولين من الباطن».

سياسة الخصخصة

والهجوم نفسه شنه في اليوم ذاته زميلنا محمود الحضري رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «المشهد» الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل ثلاثاء بقوله عما يحدث: «لا شك أن سياسة الخصخصة التي ابتدعتها الحكومات السابقة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مثلت أخطر مرحلة على الاقتصاد الوطني، وأضرت بشكل رئيسي العاملين في شركات قطاع الأعمال العام، وأظهرت حجما من الفساد أضاع ثروات الوطن لمجموعة من المنتفعين. دب أمل جديد لدى البعض عندما تطورت العلاقات مع روسيا، بأن يمثل ذلك خطوة لإعادة تطوير الشركات العامة التي تأسست بتعاون روسي، خصوصا الحديد والصلب والنصر للسيارات وعدد من شركات قطاع الصناعات الكيماوية والهندسية والتعدينية، إلا أن هذه الآمال بدا أنها سراب وتطير مع الريح، بعدما ظهر أن الحكومة الحالية، أو قل حكومات ما بعد 30 يونيو/حزيران اشتاقت إلى سياسات وزارات الجنزوري وعاطف عبيد ونظيف، حيث بدأت رياح الخصخصة تطل علينا من جديد بعد أكثر من سبع سنوات من التجميد، عندما اتضح أن الحكومة الرشيدة تستعد لإعادة برنامج خصخصة الشركات والمصارف، ولكن عبر باب جديد هو البيع في البورصة».

مسعود الحناوي: مصر

لم تعد تحتمل تآمراً أو عمالةً أو خداعاً

وإلى «الأهرام» وزميلنا مسعود الحناوي الذي سد فتحتي أنفه وصرخ طالبا النجدة:

«أشم روائح خبيثة تهب علينا من بعض مذيعي الفضائيات المشهورين، بعضها تشكك وتضلل – عمداً – في إنجازات حققتها الدولة وجهود جدية تبذلها لتخطى عقبات ملفات شائكة وصعبة، وأخرى كريهة تجمل وتزين – نفاقاً وكذباً – كل ما يقوم به صانع القرار، بغية التقرب من الحكام والمسؤولين على حساب البسطاء والمطحونين. وكلا الفريقين يوهم الناس بعلمهم ببواطن الأمور وأنهم يعملون لمصلحة المواطنين، حتى أصبح عامة الشعب في حيرة وشك و«قرف» وشبه عزوف عنهم جميعا، الأمر الذي انعكس سلبيا على مزاج المصريين العام وعملهم وإنتاجهم ونظرتهم إلى المستقبل، حتى إذا فاض كيل الناس ونفد صبرهم، تكون غضبتهم صعبة ومدمرة وحسابهم قاس وعسير لكل ظالم أو منافق أو عميل. نعم بلادنا مليئة بالسلبيات التي ورثناها من عهود سابقة، لكنها حافلة أيضا بإيجابيات ناجمة عن زخم ثورتين كبيرتين، والمهم أن يبتعد العملاء والمضللون عن اللعب بقوت الشعب والكادحين لمصالحهم الذاتية، وأن يتوقف المنافقون والوصوليون عن التهليل و«التزمير» لكل كلمة أو قرار يتخذه أصحاب السلطان، فمصر لم تعد تحتمل تآمراً أو عمالةً أو خداعاً ولا أيضا نفاقاً وتهويلاً ورياءً».

فتاوى تشجع على التحرش بالنساء

وإلى الإسلاميين ومعاركهم المتعددة، حيث شنت زميلتنا الجميلة في جريدة «المقال» دينا أنور يوم الأحد هجوما عنيفا اتهمت فيه رجال الدين بإصدار فتاوى تشجع على التحرش بالنساء والفتيات وكانت أدلتها في ذلك هي: «انتشار هذه الجرائم خصوصا في البلدان التي تفرض الحجاب والنقاب على نسائها، ولا سيما مصر، التي باتت أغلبية نسائها يرتدين الحجاب والنقاب، بعد تأثر العديد من المصريين بثقافة الدول الخليجية، منذ أواخر السبعينيات تقريبا، ولأن الجميع يحصر الأسباب في قلة الوازع الديني وانعدام الأخلاق وعدم احتشام الفتيات، فنحن هنا بصدد تسليط الضوء على السبب الرئيسي وراء انتشار هذه الظاهرة، وهو «فتاوى رجال الدين التي تحرض على التحرش بالنساء»، والتي جعلت للمتحرش غطاء دينيا لا يشعره بالذنب أو قبح التصرف. ولأننا في مجتمعات تقدس رجال الدين، ربما أكثر من الدين نفسه، فكان من الطبيعي جدا أن تزداد معدلات التحرش بهذه النسبة المفزعة. كان الدكتور علي جمعة قد أفتي بجواز النظر إلى النساء المتبرجات لأنهن أسقطن الرخصة التي منحتها لهن الشريعة، وقال إن المحجبة لها تلك الرخصة، ولا يجوز النظر إليها إلا بإذنها، وهكذا أسهم سيادة المفتي السابق في إعطاء الضوء الأخضر لكثير من الرجال بمعاقبة المتبرجات بالنظر إليهن، لأنهن لا يرتدين الحجاب، كما كان لفتواه دور كبير في غرس مفهوم ارتباط الحجاب بالفضيلة والعفة، الأمر الذي جعل الكثير من الشبان يظنون السوء في كل من لا ترتدي الحجاب، ويتعمدن مضايقتها، وأغفل الأمر الإلهي من الله بغض البصر. ومنحهم مباركته للنظر والتمعن في أجساد غير المحجبات لأنهن بلا رخصة شرعية. ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر أفتي بوجوب تخلي المرأة عن ارتداء الملابس الضيقة أمام أخوتها وأولادها، لما فيها من إثارة تشعل رغباتهم الجنسية، فكيف يجرؤ شيخ على تبرير النظر بشهوانية إلى المحارم من النساء كالأم والأخت، ولعل هذا ما يفسر الانتشار الكبير لظاهرة زنى المحارم وتبريره وإلقاء اللوم على المرأة التي كان كل ذنبها أنها ارتدت ما تشاء بين أفراد عائلتها. كما أفتى الداعية السعودي عبد الله الداوود بضرورة التحرش بالفتيات اللواتي يعملن حتى يتم دفعهم إلى ترك العمل لحرمانية شغل النساء في الأعمال التي تسمح بالاختلاط. الفتوى الأشهر التي سبق أن تناولها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التي تقضي بجواز إرضاع المرأة لزميلها الرجل في مكان العمل، حتى لا تقع خلوتها على إثم، وسار على دربه الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بإصدار الفتوى نفسها، وهذه الفتوى هي تحريض علني على التحرش بزميلة العمل، والنظر إليها كمصدر فتنة يجب اتقاؤه وليس كزميلة عمل يجب احترامها والتعامل معها في حدود العمل».

النخبة أضرت أكثر مما نفعت

وإذا تركنا دينا في «المقال وتوجهنا لزميلنا أشرف محمود في «الأهرام» في يوم الأحد ذاته سنجده يشن هجوما في اتجاه آخر ضد من تقف دينا ضدهم: «جاءت أحكام القضاء على عدد ممن يدعون أنهم مفكرون أو مجددون أو مثقفون وينتمون للنخبة التي أضرت أكثر ما نفعت في السنوات الخمس الأخيرة، وتسببت في إيجاد هوة سحيقة مع المجتمع الذي لم يعد يعرف ماذا تريد تلك النخبة، وهل التعرض للدين الإسلامي، بالغمز واللمز والتشكيك والإنكار لأحاديث أو مسائل فقهية، يأتي ضمن الحرية الإبداعية؟ ولماذا تتوالى الهجمات ضد الإسلام ومنارته الأزهر ورواة الحديث في هذه الأيام؟ وما هي مؤهلات هؤلاء المتاجرين بتجديد الخطاب الديني، حتى يرفعوا لواء ليس لهم ويجاهرون بعدائهم، ثم يعتبرون خضوعهم للمساءلة القانونية تعنتا أو تضييقا حول حرية الإبداع، أو إبداء الآراء؟ وكأن الإسلام ليس دينا سماويا له كتابه وله سنة تركها رسوله وقال صلى الله عليه وسلم عنهما «تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا، كتاب الله وسنتي) صدق رسول الله، فإذا جاء من يتطاول أو يقلل من شأن أحاديث الرسول أو رواتها من العلماء الأجلاء، رضوان الله عليهم، بات لزاما على المستمعين أن يصفقوا له ويقبلوا بآرائه، رغم أنه لا يملك من علوم الدين ما يؤهله لمقارعة علماء الأزهر في مناظرة».

محمد شومان:تجديد الخطاب الديني مهنة من لا مهنة

ويبدو أن سخرية أشرف من جهل من يتعرضون لقضايا لا يعلمون عنها شيئا أعجبت وكيل أول الأزهر والأستاذ في جامعته الدكتور الشيخ محمد شومان، الذي قال في افتتاح أعمال الدورة الثانية لتدريب الوعاظ وأوردها زميلنا حسام وهب الله في جريدة «عقيدتي» الدينية: «كيف لهم أن يعترضوا على أحاديث جاءت على لسان خير النَّاس أجمعين؟ قلتها قبل ذلك وأكررها من جديد، على هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم، فهذا الذي يقولونه إنما هو تحريف وتخريب وتدليس على الناس. ومن المؤسف أن ينال الأزهر الاحترام والتقدير في كل دول العالم ثم يُهان على أرض مصر، إن كان الأزهر الشَّريف لا يستطيع تجديد الخطاب فمن الذي يجدده إذن؟ هل يجدده أشخاص يأخذون الدين بأهوائهم ولا يملكون من العلم ما يؤهلهم لذلك، بل أن بعضهم لا يُفرِّق بين الفقه وأصول الفقه، ولا يتمكن من العلوم الدينية ،وربما لا يعرف شيئا عن علوم اللغة؟ إنني أندهش عندما أجد لقب مفكر إسلامي ينسب لأشخاص لا يعرفون شيئا عن علوم الدين، ولم يقرأوا كتب التراث، حتى أصبح تجديد الخطاب الديني مهنة من لا مهنة له. لا يمكن للشريعة الإسلامية أن تساير حياة الناس ولا تعينهم على قضاء حوائجهم إلا بالتجديد، وهذا ما يقع على كاهل العلماء في كل عصر، وما يفعله الأزهر منذ نشأته قبل 1060 عاما. ما يناسب زمانا قد لا يناسب زمانا آخر، ولذلك كان التجديد مطلوبا في كل عصر وكل بيئة، فالجمود مرفوض والتجديد يكون بتجديد أمور الفتوى والخطاب للناس، إذا ما كانت هناك مستجدات تحتاج إلى رأي كبار علماء الأمة لإبداء رأيٍ فقهي فيها، ونحن في الأزهر ندرس للطلاب مذاهب فقهية مختلفة، وهي في النهاية صحيحة ولكن بعض النَّاس يشقون على أنفسهم ويجادل بعضهم بغير علم».

محمد بركات: فتح باب للتهجم على الأزهر

وقد أيد شومان محمد آخر في اليوم نفسه هو زميلنا وصديقنا في «الأخبار» محمد بركات رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق بقوله: «المحاولات المستمرة من البعض للترويج بأن الأزهر هو الذي يقف وراء القضايا المرفوعة بازدراء الأديان، وأنه هو المسؤول عن الأحكام الصادرة بالحبس في هذه القضايا، وهذا غير حقيقي جملة وتفصيلا، بل هو مجرد ادعاء كاذب لا يستند إلى واقع على الإطلاق، وإنما القصد من ورائه هو فتح الباب للتهجم على الأزهر وشيخه. الخلط الواضح الذي يقوم به البعض بالقصد والعمد بين حرية الرأي والتعبير، وبين التجرؤ على الدين والإفتاء فيه من دون علم يعتد به ومن دون دراسة مؤهلة أو معرفة موثقة ومعترف بها من الدولة ومؤسساتها الرسمية، وهو ما يعرض صاحبه للوقوع فريسة للخطأ أو الانزلاق في مواطن الزلل، هذا إذا افترضنا حسن النية. الاستنكار الشرس الذي يقوم به البعض ضد الأحكام التي صدرت في هذه القضايا متجاهلين أنه لا يصح ويجب عدم التعليق على أحكام القضاء، ومتجاهلين أيضا أن الأجدى من ذلك كله هو السعي بقوة والدعوة بجدية لتعديل القانون وتغيير المادة الواردة فيه بخصوص ازدراء الأديان».

فاطمة ناعوت لم تتجاوز حدود الرأي

ونظل في دائرة معارك الإسلاميين ولكن في قضية الشاعرة والمهندسة فاطمة ناعوت، التي صدر عليها حكم محكمة جنح بالسجن ثلاث سنوات وغرامة عشرين ألف جنيه بتهمة ازدراء الأديان وهو حكم أول درجة أي هناك استئناف له. وفي مجلة «روز اليوسف» في عددها الصادر يوم السبت قال الكاتب أحمد شوقي العطار: «لو ارتدت فاطمة ناعوت النقاب، أو حصلت على عضوية مجانية في نادي السلفيين للشطحات الوهابية، أو كانت خريجة أحد معاهد بير السلم لإعداد الأئمة، قبل أن تدلي برأيها حول ذبح النبي إسماعيل، كان الأمر سيتغير كثيرا، بالتأكيد كانت لن تحظى بكل هذا الهجوم والتكفير من الأزهريين والسلفيين في أول بطولة تلفزيونية مطلقة تجمع الاثنين معا، ولن يتقدم بعض المحامين حماة الدين ضدها بأي بلاغات تتهمها بازدراء الدين، وبالتالي لن تواجه في ما بعد حكما قضائيا بالحبس لمدة ثلاثة أعوام، كما هو الحال الآن. ما قالته فاطمة ناعوت رغم اختلاف الكثيرين معها، وأنا منهم، لا يخرج بأي حال من الأحوال عن إطار الرأي، والمفزع أن ما نشرته كان على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وليس على صفحات جريدة تباع للجمهور».

سيدتنا مريم نفسها قدمت

ذبيحتين بعد ولادتها السيد المسيح

لكن المستشار شوقي أغضب في اليوم التالي الأحد زميلنا في «الأخبار» عصام السباعي فقال غاضبا: «السيدة ناعوت وصفت الأضحية بأنها «مذبحة سنوية» وهو سلوك كلنا نرفض الشكل الذي يتم به، ولكن من غير الطبيعي أن تقول إنها تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين «النبي إبراهيم» بشأن ولده الصالح «النبي إسماعيل»، ورغم أن الكابوس مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآله، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتنحر أعناقها وتهرق دماؤها، من دون جريرة ولا ذنب ثمناً لهذا الكابوس القدسي» لا يوجد إذن أي فكر؟هل تعلم أنها عندما شككت في الأضحية التي يؤمن بها المسلمون في كتابهم وسنتهم، فعلت الشيء نفسه مع اليهود والمسيحيين، فالذبيحة كلمة مكررة في التوراة، كما أن ستنا مريم نفسها قدمت ذبيحتين بعد ولادتها السيد المسيح، كما جاء في إنجيل لوقا، ومن قبل في سفر اللاويين، وربما يصح كلامها لو كانت تعيش في بلاد تعبد البقر، وما استطاعت عندها أن تتساءل لماذا تقدسونه؟».

مبارك قصقص جناح الأزهر

وفي «وفد» الثلاثاء قفز زميلنا محمود الشربيني إلى حلبة المعركة وقال عن المحامي الذي تقدم للنيابة بالبلاغ ضدها: «أذكر إنني هاجمت «ناعوت» بقسوة عندما كتبت ما كتبت، لكن بالطبع أنا لم أذهب إلى «الغرزة» أو إلى «القهوة» لأقدم عريضة دعوى لسجن ناعوت، لكنني طالبت الأزهر الشريف بأن يتحمل مسؤولياته ويتقدم لاستعادة دوره الذي أضاعه كسر مبارك لأجنحة أفكاره وتدجينه و«تثليجه»، بحيث لا يخرج من الفريزر إلا عند «الوليمة»، سواء كانت «الوليمة لأعشاب البحر» التي أهاجت بحار المتأسلمين والمتطرفين، عندما صرح لمؤلفها حيدر حيدر بعرضها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، أو كانت الوليمة «حفلة» ردح تقام على شرف مفكر يراد لصوته أن يسكت إلى الأبد! دعوة الرئيس السيسي إلى تجديد الخطاب الديني لم يتلقفها الأزهر ولم يفعل شيئاً بشأنها، وكنت أحسبه سيستعيد دوره ويوجه باحثيه إلى إعداد رسائل علمية في نقد الخطاب الديني المعاصر، وحل إشكاليات التطرف التي تحاصرنا إلى حد الفتك بنا! لم يتم عقد «سيمنار» واحد أو ندوة علمية أو حلقة نقاشية في الأزهر «المحاصر» من كل ناحية! من مخاوف علمائه أن تنفجر بوجوههم طاقة جهنم فلا تغلق أبداً.. إلى تشهير «الجماعة الإرهابية» به وبالكنيسة لكسر جانب في شرعية يونيو/حزيران».!

صلاح دياب: ما قالته فاطمة ليس فيه ازدراء لأحد

لكن كل ما نشر كوم وما كتبه عن هذه القضية يوم الثلاثاء رجل الأعمال وصاحب «المصري اليوم» صلاح دياب كوم تاني، إذ قال في عموده اليومي «وجدتها» الذي يوقعه باسم نيوتن، عن الألفة التي نشأت بين خروفين أهداهما إليه البعض وبين أحفاده وأضاف مفسرا الآية: «لم أتخيل التهمة. لم أفهمها. كاتبة متهمة بازدراء الأديان. هذا غريب. ما قالته شيء منطقي ليس فيه ازدراء لأحد، هناك أشياء نتفق عليها، ولا نجهر بها. مثلما قالت به فاطمة. «فصلي لربك وانحر». آية كريمة من القرآن العظيم. يمكن أن نفهمها على أكثر من نحو، فلماذا لا أنحر شهوة، أو أنحر الغضب المكتوم في نفسي أو كراهية تجاه إنسان؟ فالصلاة والنحر نقوم بهما طوال العام، وليسا مقصورين على عيد الأضحية فقط، إنني لست ضد تقديم أضحية أي أضحية ولكن بأي طريقة؟هذا ما قالت به فاطمة ناعوت. هل نقدمها بطريقة إنسانية أم بطريقة وحشية؟ الفارق كبير والرحمة عنوان الإسلام والنبي عليه السلام عنف السيدة التي حبست هرة في منزلها فلم تطعمها ولم تسقها».

السيسي والألتراس

وأخيرا إلى ردود الأفعال السريعة والغاضبة والمندهشة من مداخلة الرئيس مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه «القاهرة والناس» ودعوته ألتراس النادي الأهلي لتشكيل وفد من عشرة منهم للاطلاع على نتائج التحقيقات في مجزرة إستاد بورسعيد، وكذلك قوله إن الدولة تفككت بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967، وسرعة نشر ردود الأفعال كشفت عن عدم رضى عما قاله وطالب به. ولوحظ أن من أيدوه تحفظوا أيضا وحاولوا البحث عن أسباب لتبرير طلبه، وقد سارع عضو مجلس النواب ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور بالهجوم على ما قاله الرئيس ورفضه. كما هاجمه مساء الثلاثاء زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى في برنامجه على قناة «القاهرة والناس» وقال إنه كلام يهدم الدولة والقانون، ونشره أمس الأربعاء في مقاله في جريدة «المقال» التي يرأس تحريرها وأضاف: «الثابت بعد مكالمة الرئيس مع الإعلامي عمرو أديب أن الألتراس كجماعة وفكرة وأشخاص قد حقق انتصارا هائلا أزاي؟ أولا الرئيس لم يقم بإدانة واضحة، ولا حتى نصف واضحة ولا حتى إيماءة أو تلميح بالإدانة لما جرى في إستاد مختار التتش من هتافات وشعارات ولافتات، وقد تعامل الرئيس مع هذا الحدث باعتباره تعبيرا طبيعيا عاديا عن الرأي. ثانيا: الرئيس أعترف بشرعية الألتراس ككيان مستقل وتنظيم قوي وممثل للشباب، وتجاهل تماما حكما قضائيا باعتباره كيانا إرهابيا، فضلا عن عدم شرعية تأسيسه رسميا، وهو بهذا أيضا يؤكد شرعية جماعة ستة إبريل مثلا، ولا أجد أي مبرر لتجاهل هذه الجماعة من قبل الرئيس طالما اعترف بالألتراس، أم أن الأمر يحتاج إلى عشرة آلاف متظاهر من ستة إبريل كي يتم التعامل معها بالمثل. ثالثا أعترف بأن ما حدث في بورسعيد غامض وموضع شك وتساؤلات وربما مدبر، بينما هو لا يعرف من دبره. كما اكتنف الغموض أحداثا كثيرة بعد يناير وقد انحاز الرئيس هنا إلى وجهة نظر الألتراس، تبناها فعليا متجاهلا معهم أحكاما قضائية حسمت المسؤولية وأدانت مسؤوليها. رابعا: إن الرئيس جعل من الألتراس قيما على الدولة، بل طلب تكوين لجنة تقصي حقائق منهم «لماذا عشرة أفراد فقط يختارونهم وليس تسعة مثلا أو ثلاثة عشر»، كي تراجع ما جرى من إجراءات وتحقيقات قامت بها مؤسسات الدولة، ومرة أخرى تغافل الرئيس وجود أحكام قضائية نهائية في هذا الملف… إن من يملك حق النقاش في قضايا وتحقيقات هو النائب العام وليس الرئيس قطعا، بل ربما يعتبر البعض هذه الدعوة تدخلا واضحا في شؤون القضاء. طبعا غلبت على الرئيس طبيعته الأبوية المتوددة للألتراس…».

جزء كبير من شباب الألتراس خارج عن القانون

ونشرت جريدة «البوابة» أمس الأربعاء مقالا كتبه سعيد محمد أحمد قال فيه: «تساءلت مثلما تساءل الكثيرون لماذا فعل الرئيس ذلك؟ وما الدافع للرئيس للتعقيب؟ وما حجم تأثير ألتراس أهلاوي على دولة بحجم الدولة المصرية؟ وهل دعوة الرئيس لمجموعة منهم للمشاركة في إعادة التحقيق في حادث بورسعيد تمثل خرقا للقانون؟ علما بأن القضية تم الانتهاء من التحقيق فيها؟ وما رد فعل الرئيس على تجاوزات ألتراس أهلاوي بحق مصر والجيش والشرطة، واستخدام لغة السخرية والتحقير من مؤسساتنا عبر عبارات وإشارات لا تعبر سوى عن سقوط مجموعة من القيم الإنسانية والمتاجرة بحق شهداء مع كل ذكرى لحادث «بورسعيد» في الوقت الذي يسقط فيه عشرات من رجال الجيش والشرطة شهداء دفاعا عن الوطن؟ وإلى متى ستتم المتاجرة بتلك القضية؟ ومن يملك إعادة فتح التحقيق من جديد إلا إذا كانت هناك أدلة جديدة لم تعرض على هيئة المحكمة، أو ربما لدى الألتراس أدلة يرونها الحقيقة؟ ربما تلك هي «الديمقراطية» لرؤية الرئيس ودعوته لمجموعة من الشباب كان من أهمها وأبرزها تلك التي جاءت من قبل ألتراس أنفسهم بالقول «إنهم سيدرسون تلك الدعوة ما جعل في حلق الجميع غصة» كبيرة من لغة الاستعلاء التي يتحدث بها الألتراس في الوقت الذي يرى فيه الكثيرون أن جزءا كبيرا من شباب ألتراس خارج عن القانون».

الألتراس اعتبروا أنفسهم فوق القانون ودولة وحدهم

أما أهم وأبرز ما نشر أمس من رفض لدعوة الرئيس فكان في جريدة «الجمهورية» الحكومية ومن رئيس تحريرها زميلنا فهمي عنبة الذي قال: «أغلب وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية حذرت منذ وقت طويل من الألتراس الذين اعتبروا أنفسهم فوق القانون ودولة وحدهم. تاهت الدولة لفترة فوجدها «الألتراس» فرصة لإثبات الوجود واكتساب أرضية جديدة.. بدأوا في اقتحام الأندية التي كانت لا تسمح إلا لأعضائها العاملين بالدخول من الباب أو للجمهور أثناء المباريات والتدريبات، لكنهم يأتون في جماعات ترهب الأمن في النادي، فيفتح لهم الأبواب على مصراعيها ليعيثوا فساداً ويقذفوا الشماريخ ويسبوا ويشتموا ويعتلوا الأسوار ويحطموا المقاعد، ولا يوجد من يفتح فمه. للأسف تحول هؤلاء البلطجية إلى قدوة للشباب ولمشجعي الأندية فساروا في ركابهم، كما أنهم يستغلون المواقف لإشعال الفتن، فالألتراس الأهلاوي وجد في شهداء مذبحة بورسعيد فرصة لعبوا على أوتارها واستغلوا براءة المتعاطفين مع الضحايا من أصدقائهم وأسرهم فاتبعوهم. السيناريو نفسه كان قد تكرر بالنسبة «للوايت نايتس» الذين حولوا ضحايا مباراة أنبي إلى «قميص عثمان» كل فترة يثيرون الشغب لولا قيام المستشار مرتضى باللجوء إلى القانون وعدم خوفه منهم، ولأن ألتراس أهلاوي قام بالتصعيد فكان لابد أن يرد «ألتراس المصري البورسعيدي» ببيان يهدد ويتوعد، خاصة أنهم يشعرون بالغبن وإنهم مهمشون ولم يلق ضحاياهم مثلما وجد أبناء القلعة الحمراء من تعاطف. و»ألتراس الاتحاد سيد البلد» في الإسكندرية كانت له مواقف مشابهة، وكذلك دراويش الإسماعيلية فإلي متى يستمر هذا العبث؟ نطالب دائماً باحتواء الشباب والسعي للاقتراب منهم وحل مشاكلهم، ولكن الألتراس ليسوا هم شباب مصر، الذين إذا أردنا أن نجدهم فنبحث عنهم في القرى والنجوع في بحري والصعيد».

&&