علي الجحلي

&أعاد حديث عضو برلمان عربي إلى المقدمة ما كان الجميع يحذرون منه من نتائج الخريف العربي الذي أطاح بآمال الأمة في العودة إلى نسق الحضارة. كشف الحديث عن فساد يمارسه الجميع ومنهم صاحب الحديث الذي اعترف أنه ارتشى من إحدى الشركات.&

الاعتراف في حد ذاته دليل على أن الرجل لا يخشى على نفسه وهو دليل آخر على تفشي الحالة ما يدفع باتجاه التفكير في الحال الذي وصل إليه وضع النزاهة في المجتمعات العربية الواقعة تحت احتلال الفكر الذي يبني على المصلحة الشخصية المجردة.

&قد يقول قائل إن هذا أكبر ما تواجهه الدول التي تعرضت لتلك الموجة العنيفة، لكن هناك مخاطر أكبر جلبها الاستبداد في دول لم تكن جاهزة لتلقي فكر مختلف أو التعامل مع نوع جديد من المؤثرات الخارجية. أهم ما افتقدته هذه الدول هو قدرة مؤسساتها الاجتماعية وشبه الرسمية، على التأثير في الساحة ما جعلها رهينة لفكر واحد لا يؤمن بالبقاء إلا لذاته.&

هناك من يتغنى بماض عاشته الدول تحت احتلال فكر آخر وهيمنة أشخاص مختلفين، لكن الحال من بعضه. صحيح أن منظمات الرقابة على المجتمع وتحركات وسلوك الناس كانت أكثر سيطرة وتنظيما في السابق وهو ما ضمن حدا أدنى من التصريح بالخلاف، لكنه حال لم يكن المواطن البسيط ليرضى به.&

استغل كل من ركبوا موجة التغيير الجديدة آلام وآمال الناس ليروجوا لفكر جديد وحال مختلف ومستقبل واعد، لكنهم انكشفوا مبكرا لأسباب كثيرة أهمها عقدة التفكير في الذات والبناء على توجيهات وتعليمات لم تكن لتخدم أو تفي باحتياجات المواطن البسيط، الذي تحول من حال سيئ إلى أسوأ.&

غامرت فرق الحكم الجديدة بالدفع نحو تمكين أنفسها ومن يسيرون في فلكها من مصير البلدان كلها، فظهرت العصبيات والعنصرية والمذهبية المقيتة حتى بين من يتبعون المذهب نفسه. ذلك أن الوطن لم يكن ليأتي أولا بالنسبة لهؤلاء وإنما كانت الذات هي المسيطرة وهو ما كشف الأقنعة التي كانوا يلبسونها، ويلبِّسون بها على الناس عندما كانوا يستجدون دعمهم.

&تعيش الدول العربية اليوم أسوأ مراحل حياتها، وقد تكشفت أقنعة كل من كانوا ينظرون في الفراغ ويستغفلون الناس. هناك منظرون في الانتظار نسمعهم ونراهم كل يوم ومآلهم سيكون مآل أصحابهم الماكرين.