&أمين ساعاتي&

تنشر كثير من مؤسسات البحث العلمي الأمريكية المتخصصة في شبكات تكنولوجيا المعلومات هذه الأيام، تقارير مثيرة عن الحروب الإلكترونية المقبلة، وتقول شركة استراتيجي أناليتكس، إن هناك مجالا جديدا للحرب العالمية المقبلة، فالحرب لن يكون ميدانها الأرض ولا البحر ولا الجو، بل سيكون ميدان الحرب العالمية المقبلة الفضاء الإلكتروني، ونبه التقرير إلى أهمية حماية المعلومات العسكرية من هجمات القرصنة التي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل يدعو إلى القلق، وأكد التقرير تحذيراته من خطورة القرصنة الإلكترونية؛ لأن العالم دخل بالفعل في سباق تسلح إلكتروني.&

وإزاء أهمية هذه التقارير، فإن مجلس النواب الأمريكي سبق أن وافق على قانون حماية ومشاركة المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية رغم المعارضة من قبل مؤيدي احترام الخصوصية وعدم التطاول على حريات الناس، والتجسس على خصوصيات الأفراد والممتلكات.&

ولخطورة المرحلة التي بلغها السلاح الإلكتروني العالمي، فإن البنتاجون يعتبر أي محاولة إلكترونية من دولة أجنبية متربصة بمثابة إعلان حرب ضد الولايات المتحدة، بمعنى أن الولايات المتحدة ستتخذ فورا إجراءات انتقامية ضد أي هجمات خارجية إلكترونية تستهدف أمنها وسلامتها.&

ولكن مع هذا فإن حماية أمن المعلومات ستتزايد في ظل تنامي اعتماد النظم العسكرية على شبكات تكنولوجيا المعلومات.&

ولذلك فإن الحرب الإلكترونية العالمية المقبلة هي الحرب التي تتسابق على كسبها الدول العظمى هذه الأيام، ويبدو من خلال الإنجازات التي تحققت لهذه الحرب المحتملة، والتي أطلق عليها اسم "حرب المستقبل" أن الحرب بالأسلحة التقليدية بدأت تتراجع، وأخذت أسلحة الحرب الإلكترونية تتقدم إلى ميادين الحرب المقبلة.&

ويمكننا أن نشاهد بعض سيناريوهات هذه الحرب الإلكترونية الكونية المحتملة في طروحات السينما الأمريكية حاليا، التي باتت تتفوق في شراستها على كل أشكال الحروب التقليدية بما في ذلك الحرب الذرية، وآخر الأفلام التي تتعرض لحرب عالمية إلكترونية قادمة هو فيلم ستار وورلدز في نسخته الخامسة، وهو من الأفلام التي وجدت إقبالا منقطع النظير في كل دور السينما في العالم.

&لقد كانت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية واقعة في مرمى هجمات إلكترونية شرسة مصدرها الصين، ثم استعر التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا، ودخلت روسيا مع الولايات المتحدة في سباق تسلح إلكتروني، وتحاول روسيا أن تأخذ لها مكانا متقدما في الحرب العالمية الإلكترونية.&

ولعل وصول القراصنة والعملاء إلى البنتاجون الأمريكي، كان أحد العوامل القوية وراء دعم ميزانية الحرب الإلكترونية العالمية.&

الواقع أن الدول التي لم تساعدها ظروفها على التسلح بالأسلحة التقليدية .. وجدت في سلاح الحرب الإلكترونية وسيلة سانحة كي تبني لها ترسانة في ميادين الحرب الإلكترونية العالمية المقبلة حتى تعوض تخلفها في مجالات الأسلحة التقليدية. إن الأسلحة الإلكترونية متعددة المستويات، وتتراوح ما بين أسلحة ذات مدى يغطي العالم كله، وثانية إقليمية التأثير، وثالثة يتم توجيهها إلى أهداف بعينها.&

إن الدخول في أسرار هذه الحرب يقتضي بالضرورة التحالف مع إحدى الدول العظمى الضليعة في هذا المجال، ونحن نرتبط بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، ولدينا معها تعاقدات في تسليح الجيش السعودي الباسل.&

إن الانتهاكات التي تتعرض لها حدودنا الدولية في الشمال والجنوب تستدعي ضرورة تطور فيالقنا العسكرية بمختلف أنواع السلاح الإلكتروني الحديث، وأجزم بأن كفاءة قواتنا المسلحة الباسلة قادرة على استيعاب كل أنواع الأسلحة الإلكترونية الحديثة، وهو ما لمسناه من دفاعاتنا على حدودنا الدولية الحصينة. وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيس في الهجوم الإلكتروني ضد إيران، وذلك ضمن حملة تستهدف تدمير برنامجها النووي، وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما اللذان قاما باستخدام فيروس "س تكسنت" الذي دمر بعض الأنظمة التي تشغل منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران، كما أن الولايات المتحدة استخدمت فيروس "فليمر" ضد المنشآت النووية الإيرانية وألحقت بها أضرارا بالغة، ويعتقد المراقبون أن الفيروس فليمر نجح في سرقة كم هائل من المعلومات السرية عن المفاعل النووي الإيراني، وهذا ما جعل إيران تجلس على مائدة المفاوضات وتقدم بعض التنازلات حتى توصلت إلى اتفاق مع ممثلي الدول الكبرى.

&والشاهد أن الولايات المتحدة حققت تقدما كبيرا في أسلحتها الإلكترونية الفتاكة من خلال الأسلحة التي أطلقت عليها اسم اللهب Flamer، ويجوب هذا السلاح الفضاء الافتراضي، وتتفوق قوته على السلاح النووي فوق التقليدي، ولا تقتصر أهدافه على شن هجمات على منشآت ذات حساسية بالغة كالبرنامج النووي الإيراني، وإنما يتجاوز ذلك مستهدفا جميع القطاعات في أي دولة دون استثناء، كما يقوم هذا السلاح بوظيفة الجاسوس غير التقليدي، إذ بمقدوره تجنيد أي جهاز كمبيوتر ليتحول بدوره إلى جاسوس مطيع يسجل المحادثات التي تتم على مقربة منه، ويلتقط الصور التي تظهر على شاشات الأجهزة، وكذلك اقتحام ما يدور من دردشات وصولا إلى تجميع ملفات البيانات وتغيير برمجيات الأجهزة.

&إن أسرار أسلحة هذه الحرب الإلكترونية العالمية ما زالت وقفا على الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي ما زالت تمسك بإدارتها وقيادتها. وإن روسيا والصين دخلتا في سباق السلاح الإلكتروني جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، حيث تحشد هذه الدول الثلاث كل قواها لاحتمالات حرب الفضاء.

&&