محمد علاء غانم

ارتفع صوت السخط وسط العلويين وكذلك الدروز والأقليات الأخرى في سورية إلى مستوى لم يبلغ مثله منذ 2012، عندما انشق العشرات من كبار الضباط والمسؤولين من النظام. ففي الصيف الماضي برزت توترات عندما اندلعت معارك بين القوات الإيرانية المساندة للنظام وأهالي بلدتين علويتين خارج مدينة حماة.


ومنذ قيام الثورة السورية، انشق حوالى 3 آلاف شخص يعيش أغلبهم في معسكرات اللجوء بتركيا والأردن، حيث يمارسون أعمالاً هامشية أو يعتمدون على الدولة المضيفة أو المعارضة السورية ضعيفة القدرات في الحصول على ما يسد رمقهم، وهذا الوضع لا يشجع من يفكرون في الانشقاق، خاصة كبار الضباط الذين يمكنهم المساعدة على فرض حلول سياسية.


إنني أعرف شخصياً نواباً لبشار الأسد يُمكن أن ينشقوا إذا قُدمت لهم التسهيلات المذكورة، ففي عام 2012 تواصل مسؤول في نظام الأسد مع الجالية السورية بمدينة واشنطن، وكان مستعداً للانشقاق ويرغب في الحصول على مساعدة، لكن وزارة الخارجية الأميركية ردت عليه بأن يتبع الطرق العادية في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة، مما دفعه إلى التخلي عن فكرة الانشقاق.


وهناك حادثة أخرى لضابط علوي كبير كان يحاول معرفة ما إذا كانت واشنطن ستدعمه إذا تخلى عن منصبه، ولقد كان بإمكان هذا الضابط تحريض الموالين له ضد النظام إذا حصل على مساعدة، لكن واشنطن تجاهلته.
ولكن، مع ذلك ظلت إدارة الرئيس باراك أوباما تتصل سراً بمسؤولين سوريين كبار طيلة سنوات لتشجيعهم على الانشقاق، لكن تلك الاتصالات كانت مقصورة على نطاق ضيق وعلى مسؤولين كبار فقط، ولم تتضمن تقديم حوافز ملموسة. ولكي تكون هذه الوسيلة مثمرة، يجب على واشنطن أن تقدم مساعدات كبيرة للضباط والمسؤولين الأقل رتباً أيضاً.


إنني أقترح تقديم لجوء مؤقت ودفعتين من المساعدات المالية، الأولى تُقدم للمنشقين فور تخليهم عن النظام، وبعد ذلك مرتب شهري ببضعة آلاف من الدولارات، وهذه مساعدة ليست بالقليلة، لكنها لا تساوي كثيراً إذا ما قورنت بالثلاثة مليارات دولار التي تنفقها واشنطن على الحملة ضد تنظيم داعش.


ومن الضروري الحفاظ على السرية، لأن هناك من لهم أُسر لا تزال تعيش في سورية. وبما أن النظام السوري يخشى الانشقاقات كثيراً، فإنه وضعَ أجهزة مخابراته في المراقبة الوثيقة لضباط الجيش.
وبالطبع تشجيع الانشقاق لا يُمثل كل الحل للحرب في سورية، خاصة أن التدخل العسكري الروسي في سورية أقنع كثيرين من نخبة العلويين بأن الأسد لن يسقط أبداً، بالإضافة إلى التأكيدات التي ترسلها إيران بدعم العلويين، لكن ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار إعلان أميركا بأن الأسد لن يستمر في السُلطة.


إذا تخلت الأقليات السورية عن النظام بأعداد كبيرة، فإن الصراع سيفقد كثيراً من طابعه الطائفي الخطر، ومن المؤكد أن فرص التحوّل السياسي المستقر ستزداد يوماً يعد يوم.