&العاهل المغربي يأمر بمراجعة مناهج «التربية الدينية» وبرامجها لتكريس الاعتدال

&

خلال زيارته إلى مدينة العيون في الصحراء الغربية التي استردها من إسبانيا

محمود معروف

اولى العاهل المغربي الملك محمد السادس، اهتمامات مختلفة لعدة ميادين اثناء نشاطاته الرسمية بالصحراء الغربية التي استردها المغرب من اسبانيا، وعقد فيها، للمرة الثانية خلال حكمه، مجلساً وزارياً، وهي اعلى سلطة تقريرية تنفيذية في البلاد، وبالاضافة لتدشينه مشاريع انمائية وتنموية عدة ذات ميزانيات ضخمة، اعلن عن سلسلة تعيينات، ابرزها ما تعلق بالدبلوماسية المغربية وهيكلتها.

وقال بلاغ للديوان الملكي إن الملك محمد السادس، اصدر السبت، تعليماته إلى وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية، بضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

وقال الناطق باسم القصر الملكي في بلاغه إن الملك شدد أمنيا السبت أثناء اجتماع مجلس الوزراء ترأسه في مدينة العيون، على أن ترتكز هذه البرامج والمناهج التعليمية على القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة، القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر.

واضاف ان وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، قدم عرضاً حول التوجهات الاستراتيجية في ما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015- 2030 مركزاً على أن هذه الرؤية، تهدف إلى انبثاق مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص، مدرسة عالية الجودة ومدرسة للانفتاح والارتقاء الاجتماعي. كما أكد أنه تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية، سيتم إعطاء الأسبقية لجودة التعليم العمومي، وللانفتاح على اللغات الأجنبية، خاصة في تدريس المواد والتخصصات العلمية والتقنية وللنهوض بالتكوين المهني لا سيما من خلال اعتماد التوجيه المبكر للتلاميذ والطلبة الذين لهم مؤهلات وميول في هذا المجال.

وانطلاقاً من الأهداف الاستراتيجية للإصلاح، قامت الوزارة بوضع مجموعة من المشاريع، وبلورتها في عدد من التدابير المستعجلة والمهيكلة، تتوخى ضمان جودة التعليم وتعميمه بما يضمن ولوج الجميع للمدرسة، وتوفير مقومات الارتقاء الفردي والاجتماعي، إضافة إلى تحسين حكامة المؤسسات التعليمية. وتساهم الوزارة إلى جانب القطاعات الحكومية المعنية في إعداد مشروع قانون-إطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وعلى صياغته في إطار تعاقدي وطني ملزم، وذلك طبقاً للتعليمات الملكية الواردة في خطاب العرش في نهاية تموز/ يوليو الماضي.

وفي اشارة لحسم الجدل حول تعليم المواد العلمية لطلبة المراحل الدراسة الثانوية باللغة الفرنسة وما اثارته من احتجاج قال البلاغ ان الملك اوضح أن الانفتاح والتواصل لا يعنيان الاستلاب أو الانجرار وراء الآخر. كما لا ينبغي أن يكونا مدعاة للتزمت والإنغلاق.

ومن جهة اخرى قدم وزير الداخلية محمد حصّاد، ملخصاً تركيبياً حول استراتيجية تنفيذ النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للبلاد والتي تشمل المناطق الصحراوية حيث يرتكز هذا النموذج على تثمين الموارد الطبيعية المحلية، واستثمار عائداتها لفائدة سكان المنطقة، وإضافة إلى الدور الفعال للدولة، فإنه يفتح آفاقاً واسعة أمام القطاع الخاص، من خلال وضع إطار تحفيزي للاستثمار. ويقوم هذا النموذج بصفة خاصة على إشراك المواطن في برامج التنمية المحلية، وعلى مقاربة تعاقدية بين الجهة والدولة ومختلف الفاعلين المعنيين.

وعين العاهل المغربي عدداً من المسؤولين الجدد في مؤسسات عمومية هم: نزهة حياة، رئيسة للهيئة المغربية لسوق الرساميل، وحسن بوبريك، رئيساً لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي»، وكريم تجموعتي، مديراً عاماً للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية» وعبد الحميد عدو، رئيساً مديراً عاماً لشركة الخطوط الملكية المغربية»، وخمار مرابط مديراً للوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي».

وأجرى العاهل المغربي تعديلاً طفيفاً على الحكومة حيث عين ناصر بوريطة، وزيراً منتدباً لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون وهو الأمين العام السابق والرجل القوي الذي يدير الادارة الدبلوماسية لبلاده.

وحصل بوريطة (47 عاماً، متزوج وأب لطفلين) على إجازة في القانون العام (علاقات دولية) في كلية الحقوق في الرباط سنة 1991 ، وعلى شهادة الدراسات العليا في العلاقات الدولية (1993) ، ثم على دبلوم الدراسات العليا في القانون الدولي العام (1995) من الكلية ذاتها وشغل في 2002، منصب رئيس مصلحة الهيئات الرئيسية في الأمم المتحدة ، قبل أن يتم تعيينه مستشارا ببعثة المغرب لدى المجموعة الأوروبية في بروكسيل (2002-2003) ثم رئيس قسم منظمة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية وعين ما بين 2006 و2009 مديراً للأمم المتحدة والمنظمات الدولية داخل الوزارة ثم تولى مهمتي رئيس ديوان وزارة الشؤون الخارجية وسفير، مدير عام العلاقات متعددة الأطراف والتعاون الشامل وعين 2011 أميناً عاماً لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون.

وذكر بلاغ للناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، أنه، طبقاً لأحكام الفصل 49 من الدستور تم تعيين عدد من الولاة والعمال (المحافظين) ومجموعة من السفراء الجدد، الا انه لم يكشف رسمياً عن اسماء هؤلاء السفراء، اذ لا تعلن الاسماء الا اثناء استقبال الملك لهم وتسليمهم نسخ أوراق اعتمادهم.

الا ان ما تم تسريبه ان عدد السفراء المعينين تجاوز الـ90 سفيراً وان عدداً كبيراً منهم يحسب على الوجوه الجديدة، كما أن ضمن لائحة السفراء الجدد يساريين وإسلاميين من بينهم رضا بن خلدون احد قيادات حزب العدالة والتنمية (ذات المرجعية الإسلامية والحزب الرئيسي بالحكومة) الذي عين سفيرا بماليزيا ومن حزب الاصالة والمعاصرة (ليبرالي معارض) خديجة الرويسي سفيرة في الدنمارك، وشقيق الراشدي في كوريا الجنوبية والشاعر صلاح الوديع الاسفي في اندونيسا فيما عين محمد كرين عضو مجلس الرئاسة بحزب التقدم والاشتراكية (مشارك في الحكومة) سفيراً في لبنان وعين الوزيران والقياديان السابقان في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض احمد رضا الشامي سفيرا لدى الاتحاد الاوروبي واحمد عامر الذي عين سفيرا في بلجيكا، ومن الحركة الشعبية (محافظ مشارك في الحكومة) عين المختار غامبو في كينيا ومن حزب الاستقلال (معارض) كنزة الغالي سفيرة في تشيلي.

وتضم اللائحة أيضا اسم أميرة من القصر، هي لآلة جمالة العلوي، والتي عينت سفيرة في أمريكا، الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي سفيرا لدى جنوب افريقيا التي قرر المغرب، اخيراً، فتح سفارة فيها وأحمد احرزني الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث عين سفيراً متجولاً مكلفا بالملف الحقوقي وحسن حسين سفيرا في ايران والرئيسة السابقة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان امينة بوعياش سفيرة بالسويد.

كما تم تعيين يوسف العمراني (وزير سابق بالخارجية) سفيراً في باريس ورشاد بوهلال سفيراً في اليابان والقدميري مدير التعاون الدولي سفيراً لدى سان لوسي ويوسف بلا سفيراً في بيرو ومنور عالم سفيرا في تركيا وفريدة لوداية سفيرة في كولومبيا واحمد التازي (مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية) سفيراً في مصر وسامر اعرور سفيراً في الصين وموحا تاغما سفيراً في موزمبيق ونبيل الدغوغي سفيراً لدى البرازيل وعبد السلام ابو درار (رئيس الحالي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) سفيراً في لندن وكريم مدرك سفيراً في استراليا وكريمة القباج سفيرة في زغرب ومصطفى الريفي سفيراً لدى الفاتيكان محمد سيتري سفير في الأردن.

كما جرت تنقلات لسفراء حيث تم انتقال السفير حسن عبد الخالق من الاردن إلى الجزائر ولطيفة اخرباش من بلغاريا إلى تونس. وقال المحلل السياسي المغربي عبد الصمد بلكبير أن تعيين سفراء من حقوقيين وإسلاميين ويساريين لا يشكل أمراً مفاجئاً بالنسبة للدولة، بالنظر للأعطاب العديدة التي تعانيها الديبلوماسية المغربية على مر العقود إذ أن الأخطار التي تحدق بالمغرب والسياق الدولي الجديد «تتطلب منه تغيير طريقة عمله الموازي لتفادي ترك كل أثقال تحسين صورة الدولة والبلد على كاهل الحكومة».

واوضح انه وبسبب معطيات كثيرة تغيرت في وقتنا الحالي، فإن صورة البلد لها دور حاسم في سير الدولة الاقتصادي والسياسي وعلاقاتها بالجيران وفي دورها في المنتظم الدولي وعلى المستوى الإقليمي. وفي ظل وقت تزداد فيه الأخطار المحدقة بالوطن وكثرة الملفات الحساسة، على رأسها ملف الصحراء وقضية الإرهاب العابر وتوالي التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية الوازنة، فإن عمل الدولة لمواجهة كل ما من شأنه أن يستهدفها يتطلب منها عملاً ديبلوماسياً قوياً ومؤسساً على شاكلة النموذج المصري والجزائري المعروف بكون أغلب وجوهه رجالاً وطنيين وأكفاء سياسياً وعلمياً.

واضاف بلكبير: هناك أخطار محدقة بالبلد ومن كل الأطراف. السفراء أصبحوا يلعبون دوراً حاسماً في تحسين صورة البلد وأعتقد أن الدولة الآن وعت بقوة وأهمية الاعتماد على الأحزاب في كل المجالات، وعلى رأسها الخارجية، خاصة وأن السياسة القديمة المرتكزة على التكنوقراط أثبتت فشلها».

&