علي إبراهيم

مقاتلون من الشيشان مع جانبي الصراع؛ الأول لإرشاد الطائرات الروسية إلى أهدافها، والثاني مع متطرفي تنظيم داعش في سوريا والعراق للمشاركة في حربهم العبثية التي أضرت بالقضية السورية وحولتها في عين الرأي العام العالمي إلى حرب ضد الإرهاب فقط.


هذه إحدى غرائب الحرب في سوريا التي اجتذبت مغامرين ومغامرات من مختلف أنحاء العالم تحت حجة «الجهاد»، لكن أغرب الغرائب هي قصة فرقة «البيتلز» البريطانية، أو «الخنافس» نسبة إلى الفرقة الغنائية الشهيرة التي ظهرت في الستينات ولا يزال العالم يسمع أغانيها حتى اليوم.


فرقة «البيتلز» الموجودة في سوريا، وعلى الأرجح في الرقة، مختلفة؛ فهم 4 أصدقاء من غرب لندن، بينهم من أطلق عليه اسم «الجهادي جون» الذي ظهر في عدة أفلام فيديو دعائية يقطع رؤوس رهائن غربيين أو يعدمهم، وأثار اهتمامًا بلكنته اللندنية. هؤلاء نموذج لتيار من المغامرين الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا، ويبدو أنهم فهموه خطأ، أو وجدوا من بعض منظري التطرف ما يشبع رغباتهم في القتل والذبح، والأرجح أنهم لو لم يذهبوا إلى سوريا لكانوا أصبحوا مجرمي شوارع أو لصوصًا لا يتورعون عن اللجوء للسلاح، وهناك كثير من هذه النماذج في العواصم الغربية الكبرى، كأحد الأمراض الجانبية للمدنية والمجتمعات الصناعية الكبرى.


تحقيق إخباري قامت به القناة الثالثة في التلفزيون البريطاني كشف أن زعيم هذه المجموعة يتحدر من أصول قبرصية وغانية واعتنق الإسلام في العشرينات من عمره، وهو وراء سفر فرقة «البيتلز» الإرهابية إلى سوريا ليمارسوا بحرية جرائم مروعة، وإرهاب السوريين العاديين الذين ابتلوا بحرب أهلية وقمع وحشي، فجاء هؤلاء مثل الطيور الجارحة التي تعيش على بقايا الجثث ليزيدوا من معاناة السوريين.


للإنصاف، هذا جانب واحد للحرب، فهناك جانب ظلامي ثان على الطرف الآخر يقاتل مع النظام بشراسة، وهم عناصر حزب الله الذي لم يستطع إخفاء تورطه مع ازدياد عدد قتلاه هناك، وكذلك الميليشيات الشيعية المتطرفة في العراق، ومعهم مقاتلون من أفغانستان من الهزارة، وبعض التقارير تتحدث عن أن إيران لم تعد تكتفي بإرسال وحدات من الحرس السوري، ولكن أخرى أيضًا من الجيش النظامي.


هو مشهد كامل لحرب تستدعي فيها الأطراف المتقاتلة مع سبق الإصرار والتعمد شبح حرب طائفية بين السنة والشيعة، ولماذا؟ من أجل المحافظة على كرسي حكم، بينما لا أحد يملك تصورًا لكيفية إطفاء هذا الحريق الذي يمتد بسرعة ليحرق الأخضر واليابس ليس في سوريا فقط، لكن في بلدان أخرى.


قبل سنوات قليلة لم يكن أحد في المجتمعات التي يشتعل فيها الصراع حاليًا يتحدث عن سني أو شيعي وخلافات طائفية، أو على الأقل في العلن، والاتهامات صريحة وتغذيها تصرفات غير رشيدة على الأرض من القوى التي توظف الصراع لمصلحتها الإقليمية، مثل إيران، وهي لا تحسب أن هذه النار ستمتد إليها عاجلاً أم آجلاً، مثل كل القوى التي تصورت أنها يمكنها التلاعب بالدين في السياسة. أصدقاء غرب لندن هم الجانب الهزلي لهذا الصراع رغم أساليبهم الوحشية والهمجية، وهم أفراد لديهم رغبة في أن يرقصوا حول النار، فوجدوا في سوريا ضالتهم، وأساءوا إلى الدين الذي تحولوا إليه.
&