مشاري الذايدي

مصحات العالم، وبعض سجونه، مليئة بمن يرى نفسه المسيح الصادق الذي ينزل آخر الزمان، بعضهم حتى يرى نفسه المسيح الدجال بشحمه ولحمه، أما من يرى في نفسه المهدي المنتظر فالعدد أكثر من أن يحد. شيعة وسنة، وهناك مخابيل من هذا النوع في كل دين وثقافة.


مؤخرا قرأت خبرا ظريفا عن سيدة مصرية اسمها «سهير عبد الرحمن» خرجت في برنامج مصري اسمه «صح النوم»، مقدمة نفسها بوصفها «الدابة» التي تخرج آخر الزمان، وقد نهرها شيخ أزهري هو رضا طعيمة عن ذلك، لكن سهير ردت بثقة: «أنا على حق وبتكلم حق وبأمر الله أنا الدابة، وفيه آية تؤكد أن المُلك لي، والله أوحى إلي». هي طبعا تشير للآية القرآنية بسورة النمل «وإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ».


مهما بلغ من غرابة دعاوى أمثال الدابة سهير، تبقَ في إطار الغرائب والملح والهلوسات الشخصية، لكن ماذا عن الشاب المشحون بالأوهام السامة التي تجعله قاتلا مفسدا على الأرض؟
قبل أيام عرضت قناة «العربية» مقابلة مع جنديين من حزب الله اللبناني وقعا في أسر جبهة النصرة بسوريا، من إعداد الصحافية اللبنانية كارول معلوف، هذه المقابلة رفض حزب الله بثها كاملة بإعلام لبنان.


شاهدت المقابلة، وكان الشابان يتحدثان كمن كشف عنه حجاب الوهم، وخلاصة ما ذكراه عن دوافعهما للقتال بأقاصي سوريا هو التثقيف الحزبي الأصولي لشيعة لبنان، متمثلا كما قالا بـ«الشحن العقائدي ولد عندنا حقدا على الآخرين. أقنعونا أنهم سيهاجموننا في بيوتنا ويفجرون مقاماتنا».


هذا هو الوهم العقائدي القاتل، الذي شحن به الشابان من حزب الله اللبناني الأصولي، وليس وهم الدابة سهير، على خبله.
&