فاتح عبدالسلام

في اقليم كردستان العراق تتفاقم أزمة الرواتب كما لم تحصل مثلها في بغداد حتى الان، وهي أزمة مزدوجة بسبب مشكلة سابقة مزمنة حول تقاسم الثروات مع المركز ومن ثم هبوط أسعار النفط. وبالتوازي مع ذلك يركز الاقليم جهوده من أجل اظهار حقه في تقرير المصير كشعب أولا ومن ثم كإقليم وجغرافيا. وهي مشكلة داخلية كردية قبل أن تكون مشكلة مع الحكم في بغداد ،كون أن الحزبين المسيطرين في السليمانية لا يظهران أية حماسة لفكرة الاستقلال ولا تبدو لديهم حلماً قابلاً للتحقق كما لدى القيادة الكردية في أربيل. ونرى في تصريحات عدد من السياسيين الكرد في السليمانية من يقف على الضد من فكرة الاستقلال والاتجاه نحو تأسيس الدولة الكردية، في الأقل مرحلياً.

وعلى الأرض هناك خندقان غامضان واضحان، يشقان ،الاول حول بغداد والثاني في محيط الاقليم الكردي . وهي الفكرة ذاتها التي عرضها عسكريون وسياسيون على صدام حسين لاقامة خندق يفصل العراق عن ايران حين انتهت الحرب تفادياً تكرار تدفق حشود بشرية كانت شهدتها الحرب العراقية الايرانية، ورفض صدام الفكرة في حينها من دون اظهار السبب حسب سياسي عراقي كان مقرباً من القصر الجمهوري روى لي ذلك في اعقاب خروجه من العراق .

غير ان كل ذلك هو نوع من الاستعدادات وعمليات جس النبض لمشاريع لم تتبلور بوضوح لمرحلة مابعد طرد تنظيم داعش من مدن العراق وخاصة الموصل . هل ترجع رواتب الموظفين الى سابق عهدها اذا زال خطر داعش وهل ستحل الازمة الاقتصادية بين بغداد واربيل في ذلك الوقت.؟

السياسيون السنة باتوا يجاهرون بحقهم في قيام اقليم خاص بالمدن ذات الاغلبية السنية بعد أن حدثت عملية فرز خنادق نهائية بين السياسيين الشيعة والسنة وقد سبقهم الى ذلك الفرز الوضع القائم في كردستان. وهناك من يذهب الى التبشير بالدولة العربية السنية . وهي دعوات ما كانت لتنطلق وتجد من يسمعها لو نجحت الاحزاب الشيعية في حكم العراق بوصفه عراقاً موحداً وليس معداً للتقسيم.

المرحلة الجديدة في حياة العراق ستشهد خلو البلاد من تنظيم داعش وسيكون من المجازفة بما تبقى من مستقبل العراق فيما لو استمرت المليشيات تحكم الشارع فعلاً. وهي مرحلة تنفيذ الاقاليم،لا محالة. لكن السؤال المهم هو ، هل سيصمد سقف العراق ليضم تحته الاقاليم التي في الطريق أم ان الاقاليم ستتحول الى دول مجهولة المصير.

&