&نعمت أبو الصوف

في نهاية الشهر الماضي، أصدرت شركة إكسون موبيل تقريرها السنوي لمستقبل الطاقة العالمي، تشير النتائج إلى أن الطلب العالمي على الطاقة سينمو بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2040، وسيشكل النفط والغاز نحو 60 في المائة من مزيج الطاقة في عام 2040. الغاز الطبيعي سينمو أكثر من أي مصدر آخر وسيمثل 40 في المائة من الزيادة الإجمالية وسيحل بالدرجة الأولى محل الفحم الذي يشهد تراجعا. من دون تحسينات الكفاءة التي يتوقعها التقرير، الطلب على الطاقة كان سيكون الضعف بحلول عام 2040. وسيحدث نمو الطلب على الطاقة بشكل رئيسي في البلدان غير الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، حيث ستسهم الصين والهند بأكثر من نصف نمو الطلب المتوقع على الطاقة. على الرغم من أن الطلب على الطاقة مستمر في النمو بسبب زيادة عدد سكان العالم بنحو ملياري نسمة، إلا أن "إكسون موبيل" تتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون إلى ذروتها بحلول عام 2030 نتيجة انخفاض شدته intensity "انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي" إلى النصف بحلول عام 2040.&

ويتوقع التقرير أن تشهد جميع مناطق العالم زيادة في عدد المركبات الخفيفة - سيارات الركاب، الدفع الرباعي، وشاحنات بيك أب - ستقود الصين هذا النمو. تتوقع "إكسون" أن ينمو أسطول المركبات الخفيفة في الصين بنحو 250 في المائة ليصل إلى أكثر من 400 مليون سيارة، حيث ستتفوق على الولايات المتحدة كأكبر دولة تملك مركبات خفيفة بحلول عام 2025.

في الوقت نفسه، تتوقع الشركة أن يرتفع متوسط الاقتصاد في استهلاك الوقود لأسطول المركبات الخفيفة من 25 الآن إلى 45 ميلا للجالون الواحد في عام 2040، لكن ستكون هناك اختلافات كبيرة بين مناطق العالم. ستؤدي الزيادة في متوسط الاقتصاد في استهلاك الوقود إلى انخفاض متوسط استهلاك الوقود بمقدار النصف إلى نحو خمسة لترات لكل 100 كيلو متر. ويتوقع التقرير أن من بين كل أربع سيارات على الطريق في العالم ستكون واحدة منها هجينة بحلول عام 2040، وستستمر السيارات التقليدية "التي تعمل بشكل أساسي بالبنزين" الأكثر شعبية في العالم. من ناحية مصادر الطاقة، يتوقع التقرير أن يبقى النفط الوقود الرئيسي في العالم حتى عام 2040، بزيادة 25 في المائة بين عامي 2014 و2040 وسيبقى ضروريا لقطاع النقل وإنتاج المواد الكيميائية. في حين إن الغاز الطبيعي سيكون الوقود الأسرع نموا بمعدل 56 في المائة، متفوقا على الفحم كثاني مصدر رئيسي للطاقة، حيث يسعى عديد من الدول إلى الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، عن طريق استبدال الفحم بالغاز الطبيعي في قطاع التوليد. وتتوقع "إكسون" أن تنخفض حصة الفحم في مزيج الطاقة العالمي من 26 إلى 20 في المائة بحلول عام 2040. سترتفع حصة مصادر الطاقة النووية والمتجددة خلال نفس الفترة، حيث ستصل حصة الطاقة النووية والكتلة الحيوية إلى 8 في المائة لكل منهما في عام 2040، في حين ستصل حصة الطاقة المائية إلى 3 في المائة ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى إلى 4 في المائة.

&

وفقا لـ "إكسون" نحو 85 في المائة من الزيادة في الطلب على الكهرباء بين عامي 2014 و2040 ستأتي من البلدان غير الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. الصين ستقود النمو في الطلب على الكهرباء، وذلك باستهلاك ربع الكهرباء المنتجة في العالم بحلول عام 2040. سيرتفع استهلاك الكهرباء في الهند بنسبة 185 في المائة خلال نفس الفترة. من المتوقع أن تنخفض حصة الولايات المتحدة من مجموع الطلب العالمي على الكهرباء من 20 في المائة في عام 2014 إلى 15 في المائة في عام 2040. وتتوقع الشركة أن تنخفض حصة الفحم في مجال توليد الطاقة من 40 في المائة في عام 2014 إلى 30 في المائة في عام 2040، حيث سترتفع حصة الغاز الطبيعي، الطاقة النووية، طاقة الرياح والطاقة الشمسية. سترتفع حصة الطاقة الشمسية والرياح مجتمعة من 4 في المائة في عام 2014 إلى أكثر من 10 في المائة في 2040. على الرغم من انخفاض حصة الفحم في قطاع التوليد على الصعيد العالمي، إلا أن الهند ستضاعف استخدام الفحم في محطات توليد الكهرباء بين عامي 2014 و2040. في حين يشير التقرير إلى أن الصين ستستخدم الغاز الطبيعي، الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة لتلبية النمو في الطلب على الكهرباء. ستقود دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي، طاقة الرياح، والطاقة الشمسية. نتيجة للتحولات التي سيشهدها قطاع توليد الكهرباء، من المتوقع أن يرتفع استخدام الطاقة النووية في مجال الكهرباء بنسبة 85 في المائة بين عامي 2014 و2040، بقيادة الصين. من المتوقع أن تشكل قدرة طاقة الرياح والشمسية مجتمعة ثلاثة أضعاف قدرة الطاقة النووية في عام 2040، ولكنها ستوفر كميات أقل من الكهرباء بسبب عدم استمرارية التجهيز. على الصعيد العالمي، أقل من 30 في المائة من قدرة طاقة الرياح يمكن استخدامها، بالنسبة إلى الطاقة الشمسية أقل من 20 في المائة، وذلك لأن موارد الرياح والطاقة الشمسية ليست دائما متاحة. من ناحية تغير المناخ، تتوقع "إكسون" أن تصل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية إلى ذروتها بحلول عام 2030 ومن ثم تنخفض. لكن على الرغم من وصولها إلى الذروة في عام 2030، لا يزال من المتوقع أن تكون انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أعلى بنحو 11 في المائة في عام 2040 مقارنة بمستويات 2014. ويتوقع التقرير، أن تنخفض الانبعاثات بنسبة 21 في المائة في الدول الصناعية، ولكن سترتفع بنحو 32 في المائة في البلدان النامية، ولا سيما الهند ودول في أمريكا اللاتينية. تقول الشركة إن الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ليس مجانا، كما يروج كثير من السياسيين ودعاة حماية البيئة. في هذا الجانب، سلط التقرير الضوء على نطاق من التكاليف لعدد من الإجراءات التي من خلالها يمكن خفض الانبعاثات في الولايات المتحدة. ووجدت الشركة أن أفضل إجراء من حيث التكلفة للحد من الانبعاثات هو عن طريق تحسين الاقتصاد في استهلاك الوقود للسيارات التقليدية، يليه التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي في قطاع توليد الطاقة. أما استخدام الرياح، الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية تعتبر الأكثر تكلفة من بين باقي الإجراءات للحد من الانبعاثات. على سبيل المثال، يمكن أن تكلف السيارات الكهربائية ما يزيد على 800 دولار لخفض طن متري واحد من ثاني أوكسيد الكربون.

&

لكن، تقرير "إكسون موبيل" واجه انتقادات حادة من قبل دعاة حماية البيئة، حيث يدعون أن التقرير فشل في الأخذ بنظر الاعتبار الآثار المترتبة على تحقيق أهداف تغير المناخ المتفق عليها في قمة باريس. حيث تعهدت نحو 200 دولة بالحد من ارتفاع الحرارة "دون درجتين مئويتين" قياسا بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، ودعت القمة إلى تكثيف الجهود لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.