خالد السهيل

&هل نتقن الحوار معا؟&

يبدو أن هذا السؤال أقرب إلى الفخ. وإجابته الأقرب: لا. وشواهد ذلك موجودة من حولنا، وهي تنتهي إلى صيغة ما دمت لا تتفق معي، فأنت بالضرورة ضدي.&

وفي بيئات العمل، خاصة في الإدارات الصغيرة، تتحول هذه المسألة إلى سيف مسلط، من طرف قوي على طرف أقل قوة. وفي النهاية، يصبح الجميع نسخا مكررة، لا تضيف أي شيء، وإنما تتحول إلى مجرد هوامش تدور في فلك من لا يرغب سوى في الإنصات إلى صدى أفكاره فقط، ولا يطيق الاختلاف معه، ويكابر إن اكتشف خطيئته، بل يتوحش ليشعر من حوله أن تلك حديقته الخاصة التي يتمتع فيها بمزايا أن يخطئ على الآخرين إن لم يعتبروا خطأه صواباً.

&في المسار الإعلامي، الصورة ليست بعيدة تماماً، إذ كرس فيصل القاسم مثلا من خلال قناة الجزيرة صيغة حوارية شائنة، تعلي من قيمة الشتم والاستقواء وأحيانا الضرب. هذه المصارعة الكلامية، وجدت صدى لدى فضائيات أخرى فأخذت في تقليدها. مسرحية الجدال والنقاش وتحويله إلى نوع من السجال العنيف، صاغ العقل العربي تجاه سلوكيات حوارية عديمة الجدوى. أن تنتهي كل حلقة بكسر أحد الطرفين وجرحه بالكلام المؤذي، هذه صيغة تعكس السلوكيات المنبوذة لتصبح عنوانا للمثقف وللسياسي وللمفكر العربي. وهذا غير صحيح بإطلاقه، فثمة عقول رصينة ولغة راقية تسود النخب، لكن صراع الثيران الذي يتم الحشد له منذ لحظة الترويج للحلقة، لا يفضي إلا إلى ذلك، ويغدو المذيع محرضا على مزيد من البذاءة وقلة الحياء المتبادل بين طرفين.&

نموذج فيصل القاسم، بالنسبة لمن يختلف أو يتفق معه، تمثل الصورة الكاريكاتورية التي وصل إليها حال البعض في الحوار العربي. ولعل هذه الطريقة أفرزت عنفا وتثويرا وتهييجا في الشارع العربي. وهكذا تغلغلت الظاهرة إلى كيفية تخاطبنا معا حتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.&

بعض العنف الذي يفضي إلى القتل؛ هو نتيجة خلل. وبعضه بسبب السفه والتعامل غير السوي مع البشر. فلنحذر من الاستهانة بالآخرين أو قهرهم، ولنتذكر أن الله يرانا.