سكينة فؤاد
&
تحية لدولة الإمارات الشقيقة العزيزة والتشكيل الوزاري الجديد الذي يضم خمس وزيرات تأكيدا لرؤية مستقبلية للدولة وللشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي ترتكز إلي دعم قوي وجاد للشباب والمرأة وسياسات تؤمن بالقدرات والطاقات الإيجابية لأبناء الإمارات وضرورة دعمها وتعظيمها، وأن تتوحد إرادة وإدارة الدولة في جميع المجالات وراء رضاء واطمئنان الشعب. أكتب من خلال قراءات عن قرب في أثناء الزيارات التي أسعد بها إلي دبي في إطار واحدة من أهم وأكبر السباقات الصحفية في عالمنا العربي والتي تكشف اختياراتها وجوائزها السنوية عن أجيال من شباب المبدعين والمبدعات في مجال الإعلام المقروء والإلكتروني، علاوة علي تكريم سنوي أيضا لرموز وقامات إعلامية كبيرة أنجزت في المهنة ورسالتها ما يستحق التكريم. من أهم ملاحظاتي في أداء كل من التقيت بهم، سواء من أبناء الإمارات وحشود العاملين والعاملات القادمين من أنحاء الدنيا الحرص البالغ والصادق علي الاتقان والإجادة والتميز والدماثة والتهذيب تنعكس كلها في التقدم والتطور المطرد، كأنهم بحسابات الزمن يمضي بين العام والعام أعوام من الإنجازات وازدهار الحياة التي حولوا بها الصحاري إلي جنان عامرة بالجمال، والحرص علي اللحاق بأحدث منجزات العلم والتعليم وصناعة الوعي، وإعداد كوادر الشباب من الجنسين لمواجهة جميع التحديات المطروحة علي الحاضر والمستقبل، والانضمام كرقم قوي وفعال في المنظومة الإنسانية العالمية اعتمادا علي ركيزة أساسية هي بناء قوي للإنسان، لذلك جاءت إضافة التسامح والسعادة في القرارات الأخيرة متسقة تماما مع هذه الأهداف والتطلعات والخطط والسياسات ومن المؤكد أنه لا سعادة يمكن أن تتحقق في أي أمة تفتقد عناصر القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية كما تحرص وتسابق وتحقق دولة الإمارات.
&
> أما مصادر السعادة في مصر فهي بلا حدود ـ نعم بلا حدود ـ فقد حباها الله بخير وافر في مصادرها، سواء في طبيعتها أو في بشرها ومهاراته وقدراته ولكن ابتليت بالذين كانت مهمتهم تبديد وإهدار وتدمير هذه المقومات.. وفي مقدمة مصادر السعادة والاطمئنان ـ في رأيي ـ الزراعة والمساحات الممتدة والشاسعة من الخضرة، وبكل ما تعنيه من قوة وأمان غذائي وحيوي وصحي وروحي ونفسي هذه البحور المنبسطة واللا محدودة من اللون الأخضر، أراها من أهم أسباب الفطرة المنبسطة والطيبة والآمنة والمتسامحة، وما حدث من تحولات سلبية وعنف في الشخصية المصرية الآن من أسبابه تآكل وانكماش الخضرة والزرع والأمان، واستبدالها بآلاف مكدسة من وحوش من الطوب الأحمر التي جرفت آلاف الأفدنة الخضراء ليحل محلها عمران هو في الحقيقة خراب عشوائي مشوه، هذا الخراب والتخريب الذي اجتاح الأرض الخضراء امتد وخرب قبلها نفوس المصريين.. ولقد شرف هذا القلم لسنوات علي صفحات الأهرام وصحف مستقلة ـ ومع أقلام محترمة كثيرة في خوض معارك مستميتة للدفاع عن حقوق الحياة ولقمة العيش الآمنة والمغموسة في الكرامة والقدرة والاستقرار وازدهار حياة الفلاحين، ومصر كلها الذي يمثله أن تزرع وأن يأكل المصريون ويصلوا إلي حدود الاكتفاء بأيدي أبنائهم من الفلاحين والذين لم يظلم ويُهدر مثل حقوقهم وخبراتهم التاريخية وخيراتهم المكتسبة وإنسانيتهم وما يمثل رعايتهم ورد وتعظيم حقوقهم من دعم لقوة مصر.. لقد توالت الأدوار الآثمة لقتل الزراعة وبرعاية كثير من الذين تم استئمانهم علي الزرع والحيوان والثروة السمكية والداجنة، واتخاذ قرارات لتلويث مياه النيل مع سبق الإصرار والترصد وتسميم الإنسان والأرض والزرع نفس أهداف مشروع صهيوني يتبع وزارة دفاع الكيان الاستيطاني ويحمل اسم شلوع وكتب عنه الخبير العسكري ـ أ.جمال مظلوم في واحدة من كراسات الأهرام الاستراتيجية ـ ولم يكن هدف المطبعين والذين يديرون منظومة تدمير الزراعة إلا تدمير مصدر من أهم مصادر السعادة والاطمئنان والأمان للمصريين.
&
ولقد توالت ولم تتوقف أبدا دعوات تحقيق نهضة زراعية شاملة وتحسين أحوال الفلاحين، وكانت أحوال الواقع والسياسات التي تطبق والقيادات التي يتم اختيارها تكذب هذه الادعاءات والشعارات الجميلة وتزداد مافيا الاستيراد توحشا وتزداد تراجعا المحاصيل الاستراتيجية المصرية في كم المنتج وجودته ويتغول البناء علي أخصب الأراضي والمزارع حتي التابعة لوزارة الزراعة.. بينما يواصل العلماء والخبراء تقديم عشرات المشروعات للإنقاذ ولا أحد يستجيب، بل وباستقواء لا يخشي أصحابه أي محاسبة، تتواصل خطط التدمير والتخريب والعصف بمناهج زراعية طبقت وأعطت نتائج طيبة وأثبتت بداياتها أنها تستطيع أن تشارك في تحقيق حلم مصري عظيم وهو الاعتماد علي الذات والاقتراب من حدود الاكتفاء وعدم الخوف أو الخضوع لأي مهددات، سواء في نقص الإنتاج العالمي أو ارتفاع أسعاره أو استخدامه سلاحا للتخويف كما فعلت الولايات المتحدة مع مصر في منع شحنات القمح! حدث هذا في الوقت الذي كانت فيه عشرات الأدلة علي أن الاكتفاء أو الاقتراب من حدوده ليس حلما مستحيلا بل واقع متاح وتتوافر إمكاناته كما أثبت علماء وخبراء حقيقيون ووطنيون ليسوا من سلالة وسلسال التطبيع والتدمير والتخريب الذي واصل استخدام الفساد والإفساد كأدوات لتحقيق مخططاتهم ومهماتهم الإجرامية في أخطر وزارات الأمن القومي المصري.. وزارة الزراعة!!
&
> أثق أن هذا الواقع الأليم والتدهور الذي وصلت إليه أحوال الأرض والفلاحين والبذور والسماد والري والجمعيات الزراعية كان ماثلا أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يلتقي وزير الزراعة ويطالب بالاهتمام بالزراعة والنهوض بأوضاع الفلاح وتحديث أساليب الزراعة وتوفير الأصناف الزراعية المحسنة وتحقيق نهضة زراعية شاملة بحلول عام 2030 وأعلن السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة أن الرئيس خلال اجتماعه بوزير الزراعة اطمأن علي معايير الجودة والالتزام بالمواصفات العالمية سواء فيما يتعلق بالصادرات الزراعية المصرية أو بالنسبة لشحنات المنتجات الغذائية والزراعية التي تستوردها مصر وضرورة عدم السماح بدخول شحنات أي سلع غذائية لا تستوفي المعايير لضمان الحفاظ علي صحة المواطنين وسلامتهم.
&
وأضاف المتحدث الرسمي للرئاسة أن وزير الزراعة استعرض رؤية وزارته لتنمية قطاع الزراعة بشكل دائم لتحقيق نهضة شاملة بحلول عام 2030 تكون قادرة علي استيعاب النمو السريع للسكان وما يترتب عليه من تزايد الاحتياجات الغذائية، وأن خطة الوزارة للنهوض بقطاع الزراعة تتضمن اصلاح الأطر التشريعية.. وأهداف أخري كثيرة ذكرها الوزير ولابد أن كل من قرأ أو كتب أو عمل أو اكتوي بتجارب زراعية فاشلة أو خطط مدمرة أو أحوال متدهورة قد سمع هذه التصريحات التي أطلقها الوزير الحالي ومن كانوا قبله.. الحصاد دائما كان كل هذا الواقع المؤسف لقطاع الزراعة!! لم يعد كافيا اطلاق شعارات لقد كان الرئيس السيسي أول من دعا الوزراء إلي أن يشرحوا ويفسروا ويقدموا للناس خططا وخطوات عمل وزاراتهم لتحقيق المستهدف الذي يعلنون عنه والمدي الزمني لتحقيقه وآليات المراجعة والتقويم والقياس.. لم يعد الناس يصدقون وعودا بلا خطط عمل وتوقيتات ومحددات زمنية وآليات الرقابة ومقاييس الجودة والسلامة وقبلها اختيار قيادات تملك الكفاءة والأمانة والخبرة وليست قادمة من السلسال والسلالات التي ابتلي بها قطاع الزراعة وما أكثر القيادات والخبرات المحترمة التي تم إقصاؤها!!
&
>سؤال مهم يفرض نفسه هل استهداف المستقبل وتحقيق نهضة زراعية شاملة بحلول 2030 تعني عدم مواجهة وتخفيف الواقع بالغ الرداءة والتخلف الذي يعيشه الفلاحون ويتعرض له الأرض والزرع والثروة الحيوانية والداجنة والأسماك؟!!
&
فى أثناء كتابة هذه السطور ومن كفر الشيخ ومن الشوادفي عبد العاطي حميده تأتيني مكالمة تحمل نداءاته ونداءات جموع من الفلاحين حوله ـ لقد ضربوا وأصيبوا في محصول القطن والأرز ويرون أن الحكومة تريد أن تضربهم أيضا في القمح وبنجر السكر وما يفرض علي الفلاحين أن يتوقفوا عن زراعة المحصولين ـ يصرخون من القرارات الخاطئة مثل ربط الدعم بمساحات الأرض 1300 جنيه للفدان بينما كان الدعم العام الماضي للمحصول 420 جنيها للإردب.. يرجعون الأمر إلي الفساد المستشري في الجمعيات الزراعية التي مازالت تتحكم في مصائرهم ومصائر الأرض وتتجر بالدعم والأرض والبذور والسماد!! ثم في ظل ما حققه المصريون في 25 يناير و30 يونيو وهم يفرضون إرادتهم، لم يأت أوان تحقيق الحلم المصري العظيم الذي ثبت بالأدلة العلمية والتجارب الميدانية إمكانية تحقيق أن يأكل المصريون من زرع أيديهم، ويصنعون بها أمن وكرامة لقمة عيشهم، خاصة أن المهددات البيئية والدولية تتكاثر وإنذارات الخطر تتعاظم.
&
>لماذا لا يكون «أن نكتفي من زرع أيدينا» هو الهدف الأول الذي يثبت حدوث نهضة زراعية 2030 هل يوجد مقياس محدد وبوصلة أكثر أهمية؟! ولنا عودة بمشيئة الله ـ وإن بقيت عن السعادة جملة في المتاح من مساحة.. إذا كنت قد اخترت الزرع والأمان الصحي والحيوي والغذائي كمصدر من أهم المصادر المتاحة للمصريين إذا أديرت ثرواتهم البشرية والطبيعية برشد وعلم وحكمة وأمانة ـ تظل العدالة الاجتماعية والتطبيق العادل والعاجل للقانون وعدالة المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين ـ الشرط والمصدر الأساسي والأول.
&
&
&