&&سمير عطا الله&

كم تدوم الإمبراطوريات قبل أن تبدأ بالتراجع؟ روما وصلت ذروتها عام 117 فيما استمرت إمبراطورية روما الغربية ثلاثة قرون ونصفًا بعد ذلك، غير أن الإمبراطورية الرومانية الشرقية استمرت حتى 1453. لكن العالم السياسي جورج مودلسكي يعتقد أن زعامة العالم تتغير كل مائة عام، تبدأ بانتصار في حرب، ثم في فرض معاهدات السلم على الآخرين. المثال على ذلك: البرتغال، من 1516 إلى 1540، هولندا من 1609 إلى 1640، بريطانيا مرتين من 1714 إلى 1740 ومن 1815 إلى 1850، والولايات المتحدة بعد حربي 1914 و1945، ثم بدأت في الانحدار 1973، أي بعد حظر النفط العربي، كما رأى صامويل هاتنغتون صاحب «صراع الحضارات».

انحسار الإمبراطوريات لا يأتي من تهالكها الداخلي فقط، بل أيضًا من نمو القوى الأخرى. الاقتصاد العالمي الأهم اليوم، هو أوروبا الموحدة، حيث يعيش 500 مليون إنسان مقابل 310 ملايين أميركي. وحتى عام 2010 وأزمة اليونان، كان يُعتقد أن اليورو سوف يحل محل الدولار كأول عملة احتياط في العالم. وتصرف أوروبا نصف ما تصرفه أميركا على الدفاع، لكن لديها عدد أكبر من العسكريين.

المنافس الآخر هو اليابان، التي تحولت إلى عملاق اقتصادي في سرعة هائلة، ولا تزال تحتل المرتبة الثالثة في العالم، إضافة إلى أكثر القوى العسكرية حداثة في آسيا. لكن عدد سكانها في انحدار، وحجمها لا يزيد على حجم كاليفورنيا.

ماذا عن التحدي الروسي؟ في الخمسينات خشي الأميركيون من أن الاتحاد السوفياتي سوف يتجاوز بلادهم. وقد كان ينتشر على أكبر مساحة في الأرض، وكان يشكّل الدولة الثالثة في تعداد السكان ويمتلك الاقتصاد الثاني العالمي. كذلك، كان يملك نصف القوة النووية في العالم، ويوظف في الأبحاث العلمية والتنموية من الناس أكثر من أي بلد آخر. وفي عام 1959 قال نيكيتا خروشوف إن الاتحاد السوفياتي سوف يتفوق على الولايات المتحدة بين 1970 و1980. لكن بدل ذلك، وفي 1986، وصف ميخائيل غورباتشوف الاقتصاد السوفياتي على أنه «في فوضى كبيرة ويتخلف في جميع المؤشرات». بعد انهيار الاتحاد السوفياتي 1991 انحدر سكان روسيا إلى النصف، وكذلك الاقتصاد. وفقدت الدولة الجديدة تقدمها في التكنولوجيا والأبحاث، واحتفظت فقط بقوة نووية كبرى.

يبلغ الناتج القومي في روسيا 2.5 تريليون دولار، أي سُبع الولايات المتحدة. ويبلغ دخل الفرد 18 ألف دولار، أي ثلث ما هو عليه في أميركا. ويعتمد الاقتصاد الروسي إلى حد بعيد على الطاقة، إذ يشكل النفط والغاز ثلثي الصادرات. ويبلغ حجم الصادرات التكنولوجية العالية 7 في المائة، مقابل 28 في المائة في الولايات المتحدة. وهناك عيوب كثيرة في النظام الصحي والديموغرافي، بالإضافة إلى المعاناة الشهيرة من آثار الفساد في الحكم.

إلى اللقاء..

&

&

&