علي الخبتي &&

الطرح الصحيح من قبل الغرب يمثل الحقيقة التي يسعى إليها الموضوعيون والباحثون عن الحقيقة، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، وهناك المغرضون الحاسدون الحاقدون الأعداء الذين يعرفون الحقيقة، لكن الحقد يعميهم عن قولها والاعتراف بها..

&في افتتاحية صحيفة لوس أنجلوس تايمز يوم 19 يوليو 2016 التي كتبها قوقري قاوس الثالث أستاذ الشؤون الدولية في كلية بوش بجامعة تكساس إي آند إم بعنوان "السعوديون لا يستطيعون كبح جماح داعش"، وعلى غير عادة الصحافة الغربية التي عادة ما تربط الإرهاب بالوهابية والسعودية، تطرح صحيفة لوس أنجلوس طرحا موضوعيا بأنه لا يمكن أن تكون أي دولة -وتعني السعودية- هدفا للتطرف ومسؤولة عن التطرف.

وهذا طرح متأن متعقل وموضوعي، لعل الغرب وصل إليه أخيرا ليمثل هذا الطرح الحقيقة التي طالما أوضحتها المملكة العربية السعودية عبر قنوات واتصالات مختلفة.

وتقول الصحيفة، إن هجمات الرابع من يوليو في ثلاث مدن سعودية ارتكبت من "داعش" جعلت المحللين يطرحون هذا السؤال: كيف يمكن للمملكة العربية السعودية أن تكون هدفا للإرهاب وفي الوقت نفسه مصدرا له؟ هذا غير منطقي على الإطلاق.

وتضيف افتتاحية الصحيفة، كون أن السعودية تسعى إلى الوسطية لم يكن له تأثير على الحركات الجهادية التي تمثلها القاعدة و"داعش" فأتباعهما لهم مصادر أخرى يستقون منهم تشريعاتهم ويشكلون إلهامهم الفقهي ومعتقدهم بعيدا عن علماء الدين السعوديين، كما أن معظم المسلمين السعوديين بما فيهم المتشددون يرفضون هذه الجماعات، ولا يتفقون مع توجهاتهم.

كما أن هناك دولا عربية هي للعلمانية أقرب منها إلى التمسك بالشريعة، ترسل جهاديين أكثر مما ترسل السعودية.

كما أن الأوروبيين والأميركيين الذين يذهبون إلى "داعش" لم ينشؤوا في المحيط السعودي والبيئة الإسلامية السعودية، وتحت عنوان "السلفية السعودية ليس لها ارتباط بالسعودية" تقول افتتاحية لوس أنجلوس تايمز، إن السعودية لها دور كبير في الحملة ضد "داعش" والقاعدة.

وتلعب المملكة العربية السعودية دورا بارزا في محاربة القاعدة و"داعش" ومثالا على ذلك ما عملته منذ منتصف عام 2000، عندما سحقت بدايات "داعش" داخل حدودها، وراقبت دعم شبكة تلقي الإعانات عبر تأهيل كوادر فاعلة ومؤهلة للقيام بهذه الأعمال، وتعاونت في هذا الصدد بنجاح مع بعض الدول الصديقة، وما تزال السعودية تركز بشكل متزايد وعسكريا ضد "داعش" والقاعدة في اليمن.

كما أن السعودية تسعى بجدية، وتبذل جهودا كبيرة داخليا وخارجيا وعبر مؤسساتها الدينية في الداخل والخارج، لأن المنهج الإسلامي الذي تتبناه يجرّم العنف الذي يرتكب باسم الإسلام وهو منه بريء.

هذا الطرح المتزن في هذه الافتتاحية يبث الحقيقة التي طالما عبرت عنها المملكة عبر وسائل وطرق مختلفة. من لجان وممثلين رسميين وسفراء حتى إن الأمير تركي الفيصل عبر تنقله وزياراته الجامعات ومراكز البحث والمنتديات في 25 ولاية خلال سنة ونصف قضاها في الولايات المتحدة الأميركية سفيرا للمملكة فيها، كرر أن المملكة هدف للإرهاب وهي تحاربه. ونعرف جميعا أن المملكة، وضمن جهودها في محاربة الإرهاب، أنشأت مركزا لمحاربة الإرهاب، وأنشأت مركزا للحوار بين الأديان في فيينا هي الممول الأساسي له، وأن جهودها في محاربة الإرهاب والتطرف والكراهية لم يتوقف، وأنها عبر كل الوسائل تقول للعالم إنها تنتهج الإسلام الوسطي الذي يدعو إلى القيم العالمية: المحبة والسلام والتسامح والتعاون بين أطياف المجتمع العالمي، من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها، وفي الآونة الأخيرة نسمع كلاما جميلا من بابا الفاتيكان عن المملكة والإسلام، وسمعناه أخيرا من رئيسة وزراء بريطانيا تيريسا مي التي قالت في حشد أوروبي كبير "إن داعش ليست إسلامية وليست دولة".

هذا الطرح الصحيح من قِبل الغرب يمثل الحقيقة التي يسعى إليها الموضوعيون والباحثون عن الحقيقة، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، وهناك المغرضون الحاسدون الحاقدون الأعداء الذين يعرفون الحقيقة، لكن الحقد يعميهم عن قولها والاعتراف بها. هؤلاء سيبقون على غوايتهم، لكن يجب الاستمرار وبذل الجهد في مقارعتهم والتصدي لهم بحقائق وشواهد، والاستمرار في ذلك، واستثمار المنتديات العالمية والذهاب إلى الجامعات ومراكز البحث لتوضيح حقيقة المملكة العربية السعودية، وأنها كما قالت صحيفة لوس أنجلوس لا يمكن أن تكون هدفا للإرهاب ومصدرا له.

وإذا كنا في الظروف العادية نبذل جهودا كبيرة لتوضيح جهود المملكة العربية السعودية في استقرار العالم والمحافظة على أمنه، فإننا أشد حاجة اليوم في بذل جهود مركزة ومستمرة، وتبنّي رسائل مقنعة مدعمة بالشواهد والأدلة والأمثلة، على أن بلادنا تضع يدها مع الأيدي المخلصة الباحثة عن الحقيقة في محاربة الإرهاب، وعلى الحفاظ على الأمن والسلم العالميين.

خلاصة القول، نحن سعداء بطرح صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن المملكة، وعما عبر عنه بابا الفاتيكان ورئيسة وزراء بريطانيا عن المملكة وعن الإسلام، لأن الإسلام يدعو إلى السلام، وتحية المسلمين هي السلام، وقيم ومثل الإسلام هي المحبة والتسامح والتعاون. والإسلام الحقيقي ينبذ العنف والكراهية والتطرف، والسعودية، ومنذ زمن طويل، تتبنى هذا الطرح الذي نسأل الله جلت قدرته أن يفهمه العالم، ويكف عن اتهام عقيدتنا وبلادنا

عما ليس فيهما، إنه سميع مجيب.

&