&دعوا الأكاديميات والمراكز الثقافية والبحثية للتصدي للهجوم

&
اعترف عدد من المثقفين السعوديين أن سبب انطواء تاريخ وحضارة الجزيرة العربية هو تخاذل الأدباء والمثقفين أنفسهم بالتعريف بتلك الثقافة والحضارة العريقة، مؤكدين أن هجوم المثقفين العرب يعد هجوما ممنهجاً وسياسياً تدور حوله النفعية والبعد عن الموضوعية، وداعين كافة الأكاديميات والمراكز الثقافية والبحثية للوقوف على إرثنا الحضاري، وإبرازه وتعليمه والاعتزاز به.


الكاتب أحمد الهلالي يقول «عندما يهاجم مثقفون عرب ثقافتنا وبلادنا فإن دوافع الهجوم غالبا تكون سياسية أو قومية أو شخصية تدور في فلك النفعية، والاحتكام في ذلك إلى نوع الهجوم الذي غالبا لا يخرج عن الارتجالية الجوفاء البعيدة عن الموضوعية، لكن تلك الهجومات أحيانا تلمس جراحا في جسد ثقافتنا المشتتة، فغياب الإستراتيجيات في مجالات البحث التاريخي أو الأدبي أو الثقافي بصفة عامة تسببت في هجران الكثير من الإرث التاريخي والثقافي للجزيرة العربية، ولا يمكن إغفال الجانب الديني حين وقف حاجزا بين بعض الباحثين وماضي جزيرة العرب (قبل الإسلام)، فنحن اليوم نسمع دراسات لباحثين عرب يحددون مواقع حضارات قديمة في أنحاء متفرقة من جزيرتنا العربية، يكتفي باحثونا بتداول نتائج دراساتهم، رغم علمهم بجدارة الوقوف على صحتها، فإن كانت صحيحة زادوا عليها وإن كانت خاطئة صوبوها حفظا للحق والتاريخ». وأضاف الهلالي: «الواجب على كل مؤسساتنا الأكاديمية ومراكزنا الثقافية والبحثية والتاريخية الوقوف على إرثنا الضخم، وتمحيصه ومناقشته وتصحيح النظرة إليه، فمصطلح (الجاهلية) لا يجب أن يقف حائلا، ولا اتهاميا لكل ما سبق الإسلام، وحقيقة فإني أستبشر خيرا حين لم يطل المثقفون الوقوف أمام المتهمين ونوازعهم النفسية، وجاوزوهم إلى الاتهامات واعترفوا بتقصيرنا جميعا في قلة دراساتنا المركزة في ثنايا إرثنا التاريخي والثقافي، فالحِجاج لا يقدم لثقافتنا بالقدر ما تقدمه الأفعال البحثية القائمة على إستراتيجيات واضحة وخطى علمية ثابتة». وتساءل الكاتب علي بافقيه بقوله من أين نبدأ استيعاب هذه المشكلة؟ مجيبا «هل نبدأ من تسليم الثقافة للإعلام، إذ الإعلام عمل عابر وصناعة مرتجلة سريعة بعكس الآداب والفنون. أم نبدأ من عدم الاكتراث بالآثار بدراستها وتنقيبها وحمايتها وإبرازها وتعليمها والاعتزاز بها. كيف لنا أن تعتز بشيء نحن نحاربه وندمره. أم من حال الأندية الأدبية وشروط عضويتها وجفاف فعالياتها».


وأضاف: «هذه الرمال والجبال تربض على بقايا أنهار ومنحوتات وبشر كانوا يملأون الحياة صخبا وإبداعا، وهذه المجتمعات في العالم حولنا أصبحت اليوم تقرأ حتى الطلاسم.
الحق أننا جنينا على أنفسنا ونحن نحصد ما جنيناه وربما حصدنا ما هو أسوأ. فهل نطمح في وزارة للثقافة والتراث والفنون والآداب تقوم بعمل جذري لإنقاذ عقولنا وتغيير مفاهيمنا الخاطئة؟!».


فيما وصف علي حسن الحفظي ما حدث بالهم الكبير والحديث طويل وجارح إلى حد المأساة. وقال «نحن أمام كم هائل من التناقضات الفكرية والثقافية المتعلقة بهذا الكيان الأسمى والمواطنة الحقة وما صاحبها من هوان أمام فكر سيئ انسلخ المواطن بسببه منها. الهوية المتجذرة، وشرود غالبية المثقفين منها والتصاقهم بثقافات معادية أو أجنبية بدعوى التطور والتحديث، أضر بثقافتنا أيما ضرر والتقليد الغبي، وقد جرب مثقفونا أساليب الثقافات الأخرى بدعوى التحرر من الموروث، وهو ما أضعف الثقافة المحلية الأبرز والأفضل عدم القراءة المتزنة والمعتدلة، خصوصا كتب النقد لهويتنا الأدبية والشعرية على وجه الخصوص، تركنا نجهل عوامل التميز في ثقافتنا مع الأسف الشديد».