&أسعد تلحمي

لم تمر سوى ساعات قليلة على جنازة السيدة آمنة ياسين (34 سنة) من بلدة طمرة العربية في الجليل، التي قتلها زوجها وهي في شهر حملها الأخير على خلفية ما يسمّى «شرف العائلة»، لتتعرض سيدة أخرى (24 سنة) من مدينة شفاعمرو المجاورة إلى إطلاق النار بالشبهة ذاتها، وهي الآن تصارع الموت.

وآمنة هي الضحية السادسة في المجتمع الفلسطيني في الداخل منذ بداية السنة الجارية، ما دفع بعشرات النساء إلى التظاهر أول من أمس وهن يحملن شعارات تقول»: «لسنا في أمان»، ويطالبن الشرطة الإسرائيلية بالتحرك الجدي لاعتقال القتلة وإنزال أشد العقوبات بهم.

وعلى رغم توافر الأطر النسائية الفلسطينية لحماية النساء المعنَّفات واستقدامهن إلى ملاجئ خاصة، إلا أن نسبة تعرضهن إلى القتل أو محاولات القتل عادت وارتفعت في السنوات الأخيرة، تزامناً مع استشراء العنف وجرائم القتل أسبوعياً وأحياناً يومياً في المجتمع العربي، الأمر الذي بات يؤرّق نحو مليون ونصف مليون عربي.

وترفض رئيسة «لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية» في الكنيست النائب عايدة توما تأطير هذه الجرائم تحت عنوان «شرف العائلة»، وتقول لـ «الحياة» إن قتل النساء ناجم عن «عقلية ذكورية تعتقد أن من حق الرجل أن يتملك المرأة ويتحكم بحياتها تحت مسميات مختلفة»، مضيفة أن جذور ظاهرة قتل النساء مختلفة وتتأثر بالأجواء العنيفة وانتشار السلاح بكميات هائلة في المجتمع العربي، ما يصعّب مهمة مواجهة ظاهرة قتل النساء. وترى توما أن من الخطأ حصر معالجة هذه الجريمة من خلال الحركات النسوية التي ترأست إحداها قبل انتخابها للكنيست، إنما هي قضية المجتمع بأسره.

وعلى رغم إجماع الرأي في الوسطين اليهودي والعربي على السواء بأن الشرطة الإسرائيلية لا تعالج ظاهرة تعرض النساء إلى التهديدات بالقتل كما ينبغي، إلا أن الأرقام تشير إلى أن تخاذلها عندما تكون المشتكية عربية يفوق الوصف، إذ نادراً ما تتخذ إجراءات ضد المشتكى عليهم.

وبرأي الناب توما، فإن المرأة العربية تقع بين المطرقة والسندان، «من ناحية، النساء العربيات فقدن الثقة بتلقي الحماية من مؤسسات الدولة، ومن أخرى يجب الإقرار بأن المجتمع الفلسطيني نفسه يتخاذل في حمايتهن، ويرى أن العنف الممارَس ضدهن هو نوع من الإشكاليات العائلية الخاصة ولا يتدخل فيها، فيأخذ في فحص سلوك القتيلة ليبرر عدم التدخل».

وتشير ناشطات في جمعيات نسوية «بخيبة أمل» إلى عدم ايلاء جميع الأحزاب الفاعلة في المجتمع الفلسطيني الأهمية المستحَقة لهذه الظاهرة وامتناعها حتى عن إصدار بيانات إدانة.

وتعتزم توما عقد جلسة خاصة للجنة البرلمانية لمكانة المرأة لمساءلة مؤسسات رسمية، مثل الرفاه الاجتماعي والشرطة، «على ادائهما بل تقصيرهما في توفير الحماية للنساء». وتخلص إلى الاستنتاج بوجوب أن تعالَج هذه المسألة على مستويين، الأول أن تقوم الشرطة بدورها كما ينبغي، والثاني «وهو المستوى الأبعد، نحن في حاجة الى ثورة اجتماعية وأن نتحدى بكل صدق وبلا مواربة قيماً تعشش في داخلنا وتشرعن ليس فقط القتل إنما أساساً قمع المرأة ومحاسبتها على لباسها وسلوكها الخاص، ومنع إطلاق تصريحات تمهد لممارسة العنف ضدها».