&ستيفانو بونينيو

تتناول الصحافة العالمية هذه الأيام أخبار المضايقات التي يواجهها المسلمون في المطارات وداخل الطائرات. وخلال هذا الأسبوع أُجبرت ثلاث شقيقات على الهبوط من طائرة بأحد مطارات لندن وقامت الشرطة باستجوابهن، بعد أن اشتكى ركاب الطائرة من أن إحداهن طبعت على هاتفها المحمول كتابات إسلامية!

وأدت هذه الشكوك إزاء المسلمين إلى انتشار ظاهرة الخوف من «الطيران مع المسلمين»! وبات هذا الشعور يشكل تحدياً في الدول الغربية التي استقبلت المهاجرين.

ويمكننا أن نتعلم دروساً مهمة حول هذه الظاهرة من اسكتلنديا. ومقارنة ببقية البلدان الأوروبية، نجحت اسكتلنديا في احتواء المسلمين وإدماجهم بطريقة جيدة، بل قامت علاقة إيجابية مثيرة للإعجاب بين المسلمين والشرطة، وإن كان ما يتعرض له المسلمون في المطارات الاسكتلندية شيء مختلف تماماً.

واكتشف ثلاثة من علماء النفس، هم ،ليدا بلاكوود، ونيك هوبكينز، وستيفن رايتشير، أن التدقيق والفحص المبالغ بهما اللذين يتعرض لهما المسلمون في المطارات الاسكتلندية، يُضعف إحساسهم باحترام الذات ويعقد من مشاعرهم المتعلقة بالانتماء والهوية الوطنية، مما ينعكس على مشاعر الاسكتلنديين ذاتهم.

ووجدت الباحثة بلاكوود وزملاؤها أنه من غير المثير للدهشة أن يغير المسلمون سلوكهم لتجنّب الاحتكاك مع مسؤولي المطارات. وقد أصبحوا يقللون من السفر ويتجنبون استخدام مطارات محددة.

وقد أيّدت الدراسات التي أجريتها هذا الاكتشاف. وعندما سألت جماعة من المسلمين الاسكتلنديين عن طبيعة علاقتهم بالسلطات، اشتكوا من التعامل السلبي في المطارات، والذي ينطوي على الكثير من خيبة الأمل بسبب ما عرف عن مسلمي اسكتلندا من نظرة إيجابية في تعاملهم مع الشرطة خلال حياتهم اليومية.

وأثناء متابعتي للبحث في العاصمة الاسكتلندية أدنبره، وجدت أن ضباط الشرطة كانوا يقومون بزيارات مجاملة للمساجد، ويتولّون مهمة حماية المسلمين أثناء المظاهرات التي ينظمها أعضاء حزب «عصبة الدفاع عن اسكتلندا» اليميني المتطرف.

وتأتي المعاملة السلبية التي يلقاها المسلمون من المخاطر التي يتسبب فيها الإرهابيون المتطرفون في العالم، حتى بات من المتعارف عليه أن المسلمين يثيرون شكوك وانتباه السلطات الأمنية إليهم.

وقبل خمس سنوات، صدر عن ممثليات قيادات الشرطة الاسكتلندية بيان يفيد بأن القانون يمنح السلطات الأمنية للمطارات صلاحيات استثنائية تسمح لها بالتحقيق مع أي شخص حتى من دون توفر العلامات المثيرة للشك. وكان واضحاً أن سلطات المطارات وجدت أن هذه الإجراءات باتت شبه إلزامية بعد أن شهد المناخ الأمني حالة من التوتر وأيضاً بسبب الطبيعة الأمنية المعقدة للمطارات ذاتها.

وفي اسكتلنديا أيضاً، يبدو أن التهديد الآتي من الراديكالية الإسلامية التي تترافق مع العنف أقل مما هو في البلدان الأوروبية الأخرى. وأظهر البحث الذي أنجزته أن المسلمين الاسكتلنديين عملوا بقوة وصدق على الاندماج والتكامل مع المجتمع ووُفِّوقوا في هذا المسعى على نظرائهم المسلمين الإنجليز. واستفادوا أيضاً من النظام السياسي الاسكتلندي الذي يقدّر الإنسان حق قدره من دون اعتبار للعرق أو الدين.