&عطيه عيسوى

فى إطار صراع القوى العالمية المتصاعد على الموارد الطبيعية الوفيرة لدول إفريقيا انعقدت فى نيروبى القمة الإفريقية ـ اليابانية السادسة التى من المتوقع أن تنتهى اليوم بتعهدات يابانية بمزيد من المساعدات لمشروعات التنمية التى لو أحسنت الحكومات الإفريقية استغلالها مع ما تقدمه القوى المنافسة مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا والصين والهند لحقَّقت طفرة فى الإنتاج الزراعى والصناعى ترفع مستوى المعيشة المتدنى لمعظم الأفارقة وتوفر الغذاء والدواء والتعليم للجميع، فرغم أن 40% من موارد العالم الطبيعية تأتى من إفريقيا وفقاً للمعهد الملكى للشئون الدولية فى لندن فإن ضَعف الاستثمارات المحلية التى لا تتجاوز 15% من إجمالى الناتج القومى للدول الإفريقية لا يمكِّنها من استغلال تلك الموارد بالكيفية والسرعة اللازمتين لتحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية المطلوبة، ولابد من استثمارات ومساعدات مالية وتكنولوجية خارجية.

اليابان التى خصصت 32 مليار دولار مساعدات لإفريقيا خلال قمة 2013 تسعى لإقامة روابط أوثق مع دولها للحصول على المواد الخام اللازمة لتشغيل مصانعها خاصةً بعد تزايد اعتمادها على البترول والغاز عقب كارثة انفجار مفاعل فوكوشيما النووى عام 2012، وما تبعه من إغلاق بقية المفاعلات النووية، وكذلك إيجاد سوق أوسع لمنتجاتها فى قارة يسكنها نحو 1.2 مليار نسمة والحصول على دعم 54 دولة إفريقية لمطلبها توسيع عضوية مجلس الأمن الدولى وشَغل مقعد دائم فيه والتعاون مع البلدان الإفريقية لمكافحة الإرهاب الذى انتشر فى شمال القارة وشرقها وغربها حتى لا يهدد تجارتها أو يعطل وصول الوقود إليها، لذلك اهتمت بتطوير علاقاتها بالبلدان الإفريقية فى السنوات الأخيرة وأصبحت الأولى فى تقديم المنح لنحو 30 دولة إفريقية بقيمة بلغت 19 مليار دولار وفقاً لإحصائية صادرة عام 2010 وساهمت فى إجراء نادر فى عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بجنوب السودان بنحو 400 جندي.

فإفريقيا ترقد على 124 مليار برميل بترول تمثل 12% من الاحتياطى العالمي، وعلى 500 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى تشكل 10% من احتياطى العالم، وتنتج 90% من البلاتين و50% من الذهب و40% من الألماس، وتضم نحو 60% من أراضى العالم الصالحة للزراعة ولكنها غير مستغلة و10% من مياهه العذبة، ومع ذلك لا تحصل سوى على 1.2% من الاستثمارات العالمية البالغة 650 مليار دولار مقابل نحو 19% لدول جنوب شرق آسيا و28% للدول النامية عموماً.وبينما تتلقى مساعدات وقروضاً واستثمارات مباشرة تُقدَّر بنحو 134 مليار دولار سنوياً يخرج منها 193 ملياراً 30 ملياراً منها منهوبة فى صفقات فاسدة، الأمر الذى لا يمكِّنها من استغلال مواردها الطبيعية بالقدر المطلوب.. لذلك لم تستطع استغلال سوى 1.6% من مواردها المائية المتاحة رغم نقص إنتاجها الزراعى واحتياجها لاستيراد 83% من غذائها، وتفقد من محاصيلها ما يُقدَّر بنحو 48 مليار دولار بسبب سوء حالة الطرق والتخزين وضعف القدرة على الوصول إلى الأسواق، ولا تستغل سوى 7% من إمكاناتها المتاحة لإنتاج الكهرباء (300 ألف ميجاوات) رغم أن 75% على الأقل من سكان دول جنوب الصحراء محرومون منها، ومازالت 33 دولة إفريقية من إجمالى 48 على المستوى العالمى هى الأكثر فقراً،والسبب عدم قدرتها على توفير تكاليف الاستثمارات اللازمة حيث يقول البنك الدولى إن إفريقيا تستثمر 43 مليار دولار فقط فى البنية التحتية الحيوية للتنمية لكنها تحتاج إلى 98 ملياراً سنوياً وذكر تقرير لشركة موانى دبى العالمية أنها تحتاج إلى استثمار 93 مليار دولار فى مشروعات البنية التحتية سنوياً تعادل نحو 10% من الناتج المحلى الإجمالى لدولها البالغ 2.8 ترليون دولار.

وليست اليابان وحدها التى قدمت المليارات لمساعدة الدول الإفريقية حيث كشف مركز التنمية العالمية فى واشنطن عن أن الاستثمارات الصينية فى إفريقيا بلغت 75 مليار دولار بين عامى 2000 و2011، وأن الولايات المتحدة استثمرت هى الأخرى 95 مليار دولار خلال الفترة نفسها،وفى آخر قمة إفريقية ـ صينية العام الماضى وعد رئيس الوزراء الصينى بتقديم 60 مليار دولار مساعدات فى صورة قروض منها خمسة مليارات بدون فوائد و35 ملياراً بفوائد تفضيلية على مدى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى 13 ألف منحة دراسية للأفارقة تم تقديمها حتى عام 2015، وخصصت الهند 7.4 مليار دولار قروضاً ميسرة 1.2 مليار منحاً فيما بين 2008 و2015 ووعدت فى قمة 2015 بعشرة مليارات أخرى على مدار خمس سنوات و50 ألف منحة دراسية للأفارقة، هذا بخلاف مليارات أخرى من دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وكوريا الجنوبية لم تُحسِّن عائداتها الأحوال المعيشية لعامة الأفارقة كثيراً إما لسوء استغلال بعضها أو لنهب جزء كبير منها لحساب المسئولين الفاسدين.