&&مطلق بن سعود المطيري&

خروج أهالي داريا من مدينتهم الصامدة يمثل واقعاً سوف ينسحب على باقي المدن السورية الثائرة على نظام بشار الأسد، إما الموت تحت الركام أو الخروج المهين، هل اقتربت الأزمة السورية من نهاية ثورتها وجاءت بداية استسلام الثوار؟ للأسف كل المعطيات على الأرض تفيد بذلك، الأزمة السورية قدمت حالة مغايرة للثورات التي سبقتها، فالرئيس يبقى والشعب يرحل، فنظام الأسد يقول للعالم: إن قضية الثوار السوريين هي مشكلة كل دول العالم باستثناء بلدهم، فمن يرى ان لهم قضية عادلة فليفتح لهم أبواب الهجرة لبلاده. فالأرض التي ثاروا من أجلها ومن فوق ترابها يريد الأسد الصغير أن يغسل وجودهم منها تماماً، وقد بدأ!&&

اتضح أن وجود بشار الأسد في الحكم لم يكن لطهران وموسكو قضية مبدأ وانتصار لحليف، بل تمسك بمشروع كبير وجود بشار الأسد به حتمي، فتصفية جزء كبير من الشعب السوري تصفية نهائية، لا يعد قمع ثورة والعمل على إعادة الوضع لما كان عليه في السابق، بل هدم إنساني وسياسي وثقافي لجسم أساسي وبناء في مكانه جسم جديد قابل للزحف خارج الخارطة السورية في اتجاه الأردن ولبنان واليمن والخليج، وخروج بشار من الحكم يعني لحلفائه ان مشروعهم التوسعي أصيب بنكسة وهذا الشيء لن يقبلوا به.

&فمن شاهد وزير خارجية واشنطن في المؤتمر الصحفي الذي عقد في جنيف الجمعة الماضية مع نظيره الروسي، يقرأ من ملامحه مدى الإحراج الذي وقع فيه، فهو يعلم أن انتقاده لنظام بشار انتقاداً مزيفاً لا يعبر عن رفض لوجود نظام بشار بقدر ما يعبر عن قبول مذل بالمشروع الروسي، فوزير الخارجية الأمريكي تلقى صفعة قوية من نظيره الروسي عندما ذكر هذا الاأخير: ان على أكراد سورية القبول بوجودهم كجزء من سورية وليس خارج عنها، وهذا الشيء ضد ما تعمل عليه واشنطن التي تدعم انفصال الأكراد وقيام كيان خاص بهم، هذا التوجه الروسي جعل من تركيا حليفاً ومشاركاً في المشروع الروسي الإيراني الذي يضمن وجود بشار بالحكم، حليف ضرورة وليس حليفاً استراتيجياً شريكاً بالتضحيات والمكاسب، فقط شريك في وأد دولة الأكراد، وتقديم مقابل ذلك الابتعاد عن المحور العربي أو الخليجي على وجه التحديد المطالب برحيل بشار الأسد، أمريكا المنكسرة خذلت حلفاءها، وليس أمامها إلا أن تزيف مواقفها بغطاء إعلامي ودبلوماسي عل المستقبل يأتي بجديد، ويرفع عنها الحرج، إلى أن تحدث مفاجأة كبيرة، سوف تظل واشنطن تقلق حلفاءها وتحملهم تبعات فشلها، فهي تشبه اللاعب المخضرم الذي يريد العودة للملاعب بعد جفلة الاعتزال، فجمهوره يحتفظ له بصورة مثالية ولكن لا يثق به في الوقت الحاضر لقيادة الفريق، ولكن الشيء الذي يجعله دائماً متألقاً مساحة المجاملة الكبيرة التي يتمتع بها لدى أصدقائه، الذين اكتشفوا ضعفه ومراوغته ولكن ليس لهم بدّ من مجاملته، خاصة وان مضرته للحلفاء هو كل ما يملك لهم.. وللأسف إن الشعب السوري تعرض لهذه المضرة، وهذا ما جعل الأميركي يطمئن بأنه مقبول سواء كان نافعاً أو مضراً.