سعود المسعود

«سياسة المملكة العربية السعودية واضحة وصريحة في العراق، ولن تتغير بتغير الأشخاص، وهي لن تتخلى عن عروبة العراق»، هكذا رد ثامر السبهان سفير المملكة في بغداد على طلب وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية استبداله إثر تصريحات وصفها الجانب العراقي بأنها «تجاوز للتمثيل الدبلوماسي».

&عجز الحكومة العراقية عن إيضاح أو تبرير تصريحات أحد قادة ما يسمى بـ»الحشد الشعبي» حول اغتيال السبهان والادعاء أنه شرف يتسابق إليه «العراقيون»، دفع الحكومة للمسارعة بطلب استبدال السفير السعودي تلبية للضغوط التي تمارس عليها.&

هذه الازدواجية في مواقف الحكومة العراقية الحالية، ليست مرتبطة بشخص السفير السبهان؛ بل تستهدف التواجد السعودي الدبلوماسي ككل في العراق، تماشياً مع رغبة المستفيد من خلو الساحة العراقية من الحريصين على سيادة وعروبة العراق أمام تجاوزات بعض التكتلات السياسية والفصائل شبه العسكرية، فشككت في تحركات السفير ودلست على لسانه عشرات التصاريح المكذوبة ووصل بها الأمر إلى الدعوة إلى اغتياله، بل شرعت بالفعل في التخطيط للعملية.&

انتهاك السيادة على الأرض، وإحكام السيطرة على القرار السياسي والعسكري في العراق أمر يسير في أعين بعض القيادات هناك، مقارنة بـ»تجاوزات» مزعومة لشخصية دبلوماسية، وفي منظورهم تستحق الانتفاضة والشجب والاستنكار، وربما الصمت عن الاغتيال لو تم، ولكن أن يتدخل جنرال الإرهاب الإيراني قاسم سليمان في الشؤون العسكرية في دولتهم العربية، وهو قائد أحد فيالق الفوضى في المنطقة، فهذا ليس تجاوزاً ولا تناقضاً ولا يستدعي إلا الصمت والتأييد من قبل طبقة سياسية أدمنت السيطرة الإيرانية، وتسابقت إلى تقديم القرابين للفوز بالحظوة الفارسية والدعم السياسي داخل وطنهم!.

&الفوضى التي نشرتها إيران داخل العراق على مدى أكثر من 13 عاماً، إلى جانب إضعاف السلطة المركزية من قبل شخصيات تنفذ أجندة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حولت الأجواء السياسية العراقية إلى ساحة حرب موازية، لا تختلف كثيرا عن المعارك ضد تنظيم «داعش» على الأرض، والتي اتخذت ذريعة من قبل أشخاص ومكونات وفصائل عسكرية لانتهاك عروبة العراق وسيادته، على مرأى ومسمع تكتلات انشغلت بالقشور في معاركها السياسية، على حساب المصالح الوطنية، الأمر الذي يدفع ثمنه المواطن العراقي البسيط، الذي عجز عن إيصال صوته ويرى أن ما يجري في وطنه يعنيه في حاضره وفي مستقبل أبنائه.&

أخيراً، من يسوق لفكرة أن المكونات الشيعية العراقية بحاجة لتقبل التدخلات الإيرانية السافرة، وانتهاكها المستمر لسيادة البلاد بحجة الحرب على الإرهاب أو الاضطرابات بشكل عام، فهو واهم، فليس من المنطق سياسياً أن تلجأ قوى تشكل الأغلبية إلى دولة تتوافق معها أيدلوجيا أو سياسياً، لتطلب مساعدتها ضد مكونات وفصائل الأقلية، بل وتسلم زمام الأمور إليها سواء السياسية منها أو العسكرية، ولا يوجد تفسير لذلك سوى أن مفاصل الدولة تحت قبضة شخصيات تعزف لحن الوطنية بنغمة فارسية.