&عشرات العائلات المغربية ما زالت تنتظر الكشف عن مصير ذويها مع تسجيل حالات جديدة للاختفاء

&

أكدت هيئة حقوقية مغربية مستقلة انه «لا تزال العشرات من العائلات، ومنذ مدة طويلة، تنتظر الكشف عن مصير ذويها، كما سجلت حالات جديدة للاختفاء» رغم التقدم النسبي الحاصل في مجال تسوية إرث سنوات الجمر والرصاص في المغرب.

وقال المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي للاختفاء القسري، الذي صادف أمس 30 آب/ اغسطس من كلّ سنة إنَّ النتائج التي حقّقها المغربُ في مجال تسوية ملفّ الاختفاء القسري «لم تكن مرضية مائة في المائة»، وأنّ عدداً من الالتزامات التي من المفروض أنْ يلتزم بها المغرب لم تتمّ، ومنها وضع استراتيجية واضحة لضمان عدم الإفلات من العقاب، حتّى لا يتكرّر الاختفاء القسْري.

ويعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) تقريراً يقدمه للعاهل المغربي الملك محمد السادس حوْلَ حالات الاختفاء القسري التي لم يتمّ التوصّل إلى الحقيقة بشأنها، على رأسها حالتا المهدي بنبركة والحسين المانوزي. وقالَ منتدى الحقيقة والانصاف ان «من حقّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنْ يضمّن تقريره ما يشاء من معلومات، إلا المطالبة بإغلاق هذا الملفّ، لأنّه بالنسبة لنا سيظلّ مفتوحاً إلى أن نعرف الحقيقة كاملة».

وتأسست في المغرب يوم 7 كانون الثاني/ يناير 2004، «هيئة الإنصاف والمصالحة» وذلك في اطار البحث عن مَخْرج لطيّ صفحة «سنوات الرصاص» 1956-1999 وما عرفته من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان ارتكبتها الدولة المغربية واجهزتها الامنية، وللدفع بالمغرب نحو دولة القانون والحريات من خلال النبش بين صفحات ماضي الدولة «الأسود»، والبحث عن حقيقة ما جرى، في أفُقِ جبْر ضرر الضحايا، سواء الذين اختفوْا قسرا وعُثر على أماكن دفنهم، أوْ الذين قضّوا سنوات من أعمارهم في السجون، إبّان حُكْم الحسن الثاني.

واصدرت الهيئة تقريرها الختامي يوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005)، إلا أنَّ الفاعلين الحقوقيين المغاربة يرْون أنَّ على الدولة أن تبذل مزيداً من الجهود لإغلاق ملفّ الاختفاء القَسري بصفة نهائية، خاصّة وأنَّ هناك حالاتٍ لمْ يتمّ، إلى حدّ الآن، الكشف عن مصيرها، أبرزها حالتا المهدي بنبركة والحسين المانوزي.

وجدّد المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، المكون من ضحايا الانتهاكات مطالبته السلطات المغربية بمواصلة الكشف عن كلّ ضحايا الاختفاء القسري ونشر اللوائح الكاملة وتضمينها كل المعلومات الأساسية (هوية المختفي – تاريخ ومكان اختطافه – أماكن احتجازه – تاريخ ومكان الوفاة عند حدوثها – تحديد المؤسسات والأجهزة المسؤولة عن الاختطاف والاحتجاز).

ودعا إلى حمْل الحكومة على إرفاق قرار التصديق على الاتفاقية الدولية بشأن التصريح باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري «بتلقي وبحث بلاغات الأفراد أو بالنيابة عن أفراد يخضعون لولايتها»، وفق المادة 31 من الاتفاقية المذكورة، ضمانا لحق الانتصاف أمام اللجنة الأممية ومن أجل منح هذه المصادقة جميع الضمانات لتفعيلها داخلياً.

واعتبر مصطفى المانوزي رئيس منتدى الحقيقة والانصاف أنَّ القطْع مع ممارسات انتهاك حقوق الإنسان يتطلّب وضع استراتيجية حمائية، معبّراً عن خيبة أمله في مضامين مشروع القانون الجنائي الذي أعدّتْه وزارة العدل والحريات. ودعا إلى تضمين القانون الجنائي مقتضيات تتعلق بتوصيف جريمة الاختفاء القسري وجرائم الاعتقال التعسفي والتعذيب وتحديد العقوبات المترتبة على ارتكابها.

كما دعا إلى «ملاءمة التشريع الجنائي الوطني مع مقتضيات الآليات الدولية المجَرِّمة للاختفاء القسري بإدماج تعريفها وعناصر المسؤولية المتعلقة بها والعقوبات المحددة لمرتكبيها والمشاركين فيها والمتسترين عنها وإحالتهم على العدالة مهما تنوعت درجة مسؤولياتهم، وضمان الحماية للضحايا وأفراد عائلاتهم والشهود… وغيرها من القواعد التي تتضمنها الاتفاقيات الدولية».

وفي المناسة نفسها أعلنت لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري عن تنظيم وقفة رمزية أمام السجن المركزي بالقنيطرة مساء امس الثلاثاء، كون أغلب ضحايا سنوات الرصاص، من عسكريين ومدنيين وإسلاميين…، سُجنوا في هذا السجن وقال المانوزي «هذا الملف ليس فئوياً، بل هو ملف مجتمعي يهمّ الجميع».